فصل: باب الاعتكاف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب الصلاة في الكعبة

في الباب زيادة على الترجمة وهو حسن‏.‏ ‏(‏يصح فرض ونفل فيها وفوقها‏)‏ ولو بلا سترة لأن القبلة عندنا هي العرصة والهواء إلى عنان السماء ‏(‏وإن كره الثاني‏)‏ للنهي، وترك التعظيم ‏(‏منفردا أو جماعة، وإن‏)‏ وصلية ‏(‏اختلفت وجوههم‏)‏ في التوجه إلى الكعبة ‏(‏إلا إذا جعل قفاه إلى وجه إمامه‏)‏ فلا يصح اقتداؤه ‏(‏لتقدمه عليه‏)‏ ويكره جعل وجهه لوجهه بلا حائل ولو لجنبه لم يكره فهي أربع‏.‏

‏(‏ويصح لو تحلقوا حولها، ولو كان بعضهم أقرب إليها من إمامه إن لم يكن جانبه‏)‏ لتأخره حكما؛ ولو وقف مسامتا لركن في جانب الإمام وكان أقرب لم أره، وينبغي الفساد احتياطا‏.‏ لترجيح جهة الإمام، وهذه صورته‏:‏ ‏(‏وكذا لو اقتدوا من خارجها بإمام فيها، والباب مفتوح صح‏)‏ لأنه كقيامه في المحراب‏.‏

كتاب الزكاة

قرنها بالصلاة في اثنين وثمانين موضعا في التنزيل دليل على كمال الاتصال بينهما‏.‏ وفرضت في السنة الثانية قبل فرض رمضان، ولا تجب على الأنبياء إجماعا‏.‏ ‏(‏هي‏)‏ لغة الطهارة والنماء، وشرعا ‏(‏تمليك‏)‏ خرج الإباحة، فلو أطعم يتيما ناويا الزكاة لا يجزيه إلا إذا دفع إليه المطعوم كما لو كساه بشرط أن يعقل القبض إلا إذا حكم عليه بنفقتهم ‏(‏جزء مال‏)‏ خرج المنفعة، فلو أسكن فقيرا داره سنة ناويا لا يجزيه ‏(‏عينه الشارع‏)‏ وهو ربع عشر نصاب حولي خرج النافلة والفطرة ‏(‏من مسلم فقير‏)‏ ولو معتوها ‏(‏غير هاشمي ولا مولاه‏)‏ أي معتقه، وهذا معنى قول الكنز تمليك المال‏:‏ أي المعهود إخراجه شرعا ‏(‏مع قطع المنفعة عن المملك من كل وجه‏)‏ فلا يدفع لأصله وفرعه ‏(‏لله تعالى‏)‏ بيان لاشتراط النية

‏(‏وشرط افتراضها عقل وبلوغ وإسلام وحرية‏)‏ والعلم به ولو حكما ككونه في دارنا

‏(‏وسببه‏)‏ أي سبب افتراضها ‏(‏ملك نصاب حولي‏)‏ نسبة للحول لحولانه عليه ‏(‏تام‏)‏ بالرفع صفة ملك، خرج مال المكاتب‏.‏ أقول‏:‏ إنه خرج باشتراط الحرية على أن المطلق ينصرف للكامل، ودخل ما ملك بسبب خبيث كمغصوب خلطه إذا كان له غيره منفصل عنه يوفي دينه ‏(‏فارغ عن دين له مطالب من جهة العباد‏)‏ سواء كان لله كزكاة وخراج أو للعبد، ولو كفالة أو مؤجلا، ولو صداق زوجته المؤجل للفراق ونفقة لزمته بقضاء أو رضا، بخلاف دين نذر وكفارة وحج لعدم المطالب، ولا يمنع الدين وجوب عشر وخراج وكفارة ‏(‏و‏)‏ فارغ ‏(‏عن حاجته الأصلية‏)‏ لأن المشغول بها كالمعدوم‏.‏ وفسره ابن ملك بما يدفع عنه الهلاك تحقيقا كثيابه أو تقديرا كدينه ‏(‏نام ولو تقديرا‏)‏ بالقدرة على الاستنماء ولو بنائبه‏.‏ ثم فرع على سببه بقوله‏:‏ ‏(‏فلا زكاة على مكاتب‏)‏ لعدم الملك التام، ولا في كسب مأذون، ولا في مرهون بعد قبضه، ولا فيما اشتراه لتجارة قبل قبضه ‏(‏ومديون للعبد بقدر دينه‏)‏ فيزكي الزائد إن بلغ نصابا، وعروض الدين كالهلاك عند محمد، ورجحه في البحر، ولو له نصب صرف الدين لأيسرها قضاء، ولو أجناسا صرف لأقلها زكاة، فإن استويا كأربعين شاة وخمس إبل خير

‏(‏ولا في ثياب البدن‏)‏ المحتاج إليها لدفع الحر والبرد ابن ملك ‏(‏وأثاث المنزل ودور السكنى ونحوها‏)‏ وكذا الكتب وإن لم تكن لأهلها إذا لم تنو للتجارة، غير أن الأهل له أخذ الزكاة، وإن ساوت نصبا، إلا أن تكون غير فقه وحديث وتفسير، أو تزيد على نسختين منها هو المختار‏:‏ وكذلك آلات المحترفين إلا ما يبقى أثر عينه كالعصفر لدبغ الجلد ففيه الزكاة، بخلاف ما لا يبقى كصابون يساوي نصبا وإن حال الحول‏.‏ وفي الأشباه‏:‏ الفقيه لا يكون غنيا بكتبه المحتاج إليها إلا في دين العباد فتباع له

‏(‏ولا في مال مفقود‏)‏ وجده بعد سنين ‏(‏وساقط في بحر‏)‏ استخرجه بعدها

‏(‏ومغصوب لا بينة عليه‏)‏ فلو له بينة تجب لما مضى إلا في غصب السائمة فلا تجب، وإن كان الغاصب مقرا كما في الخانية

‏(‏ومدفون ببرية نسي مكانه‏)‏ ثم تذكره وكذا الوديعة عند غير معارفه بخلاف المدفون في حرز‏.‏ واختلف في المدفون في كرم وأرض مملوكة

‏(‏ودين‏)‏ كان ‏(‏جحده المديون سنين‏)‏ ولا بينة له عليه ‏(‏ثم‏)‏ صارت له بأن ‏(‏أقر بعدها عند قوم‏)‏ وقيده في مصرف الخانية بما إذا حلف عليه عند القاضي، أما قبله فتجب لما مضى

‏(‏مصادرة‏)‏ أي ظلما ‏(‏ثم وصل إليه بعد سنين‏)‏ لعدم النمو‏.‏ والأصل فيه حديث علي‏:‏ «لا زكاة في مال الضمار» وهو ما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء الملك

‏(‏ولو كان الدين على مقر مليء أو‏)‏ على ‏(‏معسر أو مفلس‏)‏ أي محكوم بإفلاسه ‏(‏أو‏)‏ على ‏(‏جاحد عليه بينة‏)‏ وعن محمد لا زكاة، وهو الصحيح، ذكره ابن ملك وغيره لأن البينة قد لا تقبل ‏(‏أو علم به قاض‏)‏ سيجيء أن المفتى به عدم القضاء بعلم القاضي ‏(‏فوصل إلى ملكه لزم زكاة ما مضى‏)‏ وسنفصل الدين في زكاة المال‏.‏

‏(‏وسبب لزوم أدائها توجه الخطاب‏)‏ يعني قوله تعالى‏:‏ ‏{‏آتوا الزكاة‏}‏

‏(‏وشرطه‏)‏ أي شرط افتراض أدائها ‏(‏حولان الحول‏)‏ وهو في ملكه ‏(‏وثمنية المال كالدراهم والدنانير‏)‏ لتعينهما للتجارة بأصل الخلقة فتلزم الزكاة كيفما أمسكهما ولو للنفقة ‏(‏أو السوم‏)‏ بقيدها الآتي ‏(‏أو نية التجارة‏)‏ في العروض، إما صريحا ولا بد من مقارنتها لعقد التجارة كما سيجيء، أو دلالة بأن يشتري عينا بعرض التجارة أو يؤاجر داره التي للتجارة بعرض فتصير للتجارة بلا نية صريحا، واستثنوا من اشتراط النية ما يشتريه المضارب فإنه يكون للتجارة مطلقا لأنه لا يملك بمالها غيرها‏.‏ ولا تصح نية التجارة فيما خرج من أرضه العشرية أو الخراجية أو المستأجرة أو المستعارة لئلا يجتمع الحقان

‏(‏وشرط صحة أدائها نية مقارنة له‏)‏ أي للأداء ‏(‏ولو‏)‏ كانت المقارنة ‏(‏حكما‏)‏ كما لو دفع بلا نية ثم نوى والمال قائم في يد الفقير، أو نوى عند الدفع للوكيل ثم دفع الوكيل بلا نية أو دفعها لذمي ليدفعها لأن المعتبر للفقراء جاز نية الأمر ولذا لو قال هذا تطوع أو عن كفارتي ثم نواه عن الزكاة قبل دفع الوكيل صح، ولو خلط زكاة موكليه ضمن وكان متبرعا إلا إذا وكله الفقراء وللوكيل أن يدفع لولده الفقير وزوجته لا لنفسه إلا إذا قال‏:‏ ربها ضعها حيث شئت، ولو تصدق بدراهم نفسه أجزأ إن كان على نية الرجوع وكانت دراهم الموكل قائمة ‏(‏أو مقارنة بعزل ما وجب‏)‏ كله أو بعضه، ولا يخرج عن العهدة بالعزل بل بالأداء للفقراء ‏(‏أو تصدق بكله‏)‏ إلا إذا نوى نذرا أو واجبا آخر فيصح ويضمن الزكاة، ولو تصدق ببعضه لا تسقط حصته عند الثاني خلافا للثالث وأطلقه نعم العين والدين، حتى لو أبرأ الفقير عن النصاب صح ‏(‏وسقط عنه‏)‏‏.‏ واعلم أن أداء الدين عن الدين والعين عن العين، وعن الدين يجوز وأداء الدين عن العين، وعن دين سيقبض لا يجوز‏.‏ وحيلة الجواز أن يعطي مديونه الفقير زكاته ثم يأخذها عن دينه، ولو امتنع المديون مد يده وأخذها لكونه ظفر بجنس حقه، فإن مانعه رفعه للقاضي، وحيلة التكفين بها التصدق على فقير ثم هو يكفن فيكون الثواب لهما وكذا في تعمير المسجد، وتمامه في حيل الأشباه

‏(‏وافتراضها عمري‏)‏ أي على التراخي وصححه الباقاني وغيره ‏(‏وقيل فوري‏)‏ أي واجب على الفور ‏(‏وعليه الفتوى‏)‏ كما في شرح الوهبانية ‏(‏فيأثم بتأخيرها‏)‏ بلا عذر ‏(‏وترد شهادته‏)‏ لأن الأمر بالصرف إلى الفقير معه قرينة الفور وهي أنه لدفع حاجته وهي معجلة، فمتى لم تجب على الفور لم يحصل المقصود من الإيجاب على وجه التمام، وتمامه في الفتح ‏(‏لا يبقى للتجارة ما‏)‏ أي عبد مثلا ‏(‏اشتراه لها فنوى‏)‏ بعد ذلك ‏(‏خدمته ثم‏)‏ ما نواه للخدمة ‏(‏لا يصير للتجارة‏)‏ وإن نواه لها ما لم يبعه بجنس ما فيه الزكاة‏.‏ والفرق أن التجارة عمل فلا تتم بمجرد النية؛ بخلاف الأول فإنه ترك العمل فيتم بها

‏(‏وما اشتراه لها‏)‏ أي للتجارة ‏(‏كان لها‏)‏ لمقارنة النية لعقد التجارة ‏(‏لا ما ورثه ونواه لها‏)‏ لعدم العقد إلا إذا تصرف فيه أي ناويا فتجب الزكاة لاقتران النية بالعمل ‏(‏إلا الذهب والفضة‏)‏ والسائمة، لما في الخانية‏:‏ لو ورث سائمة لزمه زكاتها بعد حول نواه أو لا

‏(‏وما ملكه بصنعه كهبة أو وصية أو نكاح أو خلع أو صلح من قود‏)‏ قيد بالقود لأن العبد للتجارة إذا قتله عبد خطأ ودفع به كان المدفوع للتجارة خانية وكذا كل ما قوبض به مال التجارة فإنه يكون لها بلا نية كما مر ‏(‏ونواه لها كان له عند الثاني والأصح‏)‏ أنه ‏(‏لا‏)‏ يكون لها بحر عن البدائع‏.‏ وفي أول الأشباه‏:‏ ولو قارنت النية ما ليس بدل مال بمال لا تصح على الصحيح

‏(‏لا زكاة في اللآلئ والجواهر‏)‏ وإن ساوت ألفا اتفاقا ‏(‏إلا أن تكون للتجارة‏)‏ والأصل أن ما عدا الحجرين والسوائم إنما يزكى بنية التجارة بشرط عدم المانع المؤدي إلى الثنى وشرط مقارنتها لعقد التجارة وهو كسب المال بالمال بعقد شراء أو إجارة أو استقراض‏.‏ ولو نوى التجارة بعد العقد أو اشترى شيئا للقنية ناويا أنه إن وجد ربحا باعه لا زكاة عليه كما لو نوى التجارة فيما خرج من أرضه كما مر؛ وكما لو شرى أرضا خراجية ناويا التجارة أو عشرية وزرعها أو بذرا للتجارة وزرعه لا يكون للتجارة لقيام المانع

باب السائمة

‏(‏هي‏)‏ الراعية، وشرعا ‏(‏المكتفية بالرعي‏)‏ المباح، ذكره الشمني ‏(‏في أكثر العام لقصد الدر والنسل‏)‏ ذكره الزيلعي، وزاد في المحيط ‏(‏والزيادة والسمن‏)‏ ليعم الذكور فقط، لكن في البدائع لو أسامها للحم فلا زكاة فيها كما لو أسامها للحمل والركوب ولو للتجارة ففيها زكاة التجارة ولعلهم تركوا ذلك لتصريحهم بالحكمين ‏(‏فلو علفها نصفه لا تكون سائمة‏)‏ فلا زكاة فيها للشك في الموجب

‏(‏ويبطل حول زكاة التجارة بجعلها للسوم‏)‏ لأن زكاة السوائم وزكاة التجارة مختلفان قدرا وسببا، فلا يبنى حول أحدهما على الآخر ‏(‏فلو اشترى لها‏)‏ أي للتجارة ‏(‏ثم جعلها سائمة اعتبر‏)‏ أول ‏(‏الحول من وقت الجعل‏)‏ للسوم؛ كما لو باع السائمة في وسط الحول أو قبله بيوم بجنسها أو بغير جنسها أو بنقد ولا نقد عنده أو بعروض ونوى بها التجارة فإنه يستقبل حولا آخر جوهرة؛ وفيها ليس في سوائم الوقف والخيل المسبلة زكاة لعدم المالك ولا في المواشي العمي، ولا مقطوعة القوائم لأنها ليست سائمة

باب نصاب الإبل

بكسر الباء وتسكن مؤنثة لا واحد لها من لفظها، والنسبة إليها إبلي بفتح الباء، سميت به لأنها تبول على أفخاذها ‏(‏خمس، فيؤخذ من كل خمس‏)‏ منها ‏(‏إلى خمس وعشرين بخت‏)‏ جمع بختي‏:‏ وهو ما له سنامان، منسوب إلى بختنصر لأنه أول من جمع بين العربي والعجمي فولد منهما ولد فسمي بختيا ‏(‏أو عراب شاة‏)‏ وما بين النصابين عفو ‏(‏وفيها‏)‏ أي الخمس وعشرين ‏(‏بنت مخاض وهي التي طعنت في‏)‏ السنة ‏(‏الثانية‏)‏ سميت به لأن أمها غالبا تكون مخاضا أي حاملا بأخرى ‏(‏وفي ست وثلاثين‏)‏ إلى خمس وأربعين ‏(‏بنت لبون وهي التي طعنت في الثالثة‏)‏ لأن أمها تكون ذات لبن الأخرى غالبا ‏(‏وفي ست وأربعين‏)‏ إلى الستين ‏(‏حقة‏)‏ بالكسر ‏(‏وهي التي طعنت في الرابعة‏)‏ وحق ركوبها ‏(‏وفي إحدى وستين‏)‏ إلى خمس وسبعين ‏(‏جذعة‏)‏ بفتح الذال المعجمة ‏(‏وهي التي طعنت في الخامسة‏)‏ لأنها تجذع‏:‏ أي تقلع أسنان اللبن ‏(‏وفي ست وسبعين‏)‏ إلى تسعين ‏(‏بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين‏)‏ كذا كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه ‏(‏ثم تستأنف الفريضة‏)‏ عندنا ‏(‏فيؤخذ في كل خمس شاة‏)‏ مع الحقتين ‏(‏ثم في كل مائة وخمس وأربعين بنت مخاض وحقتان، ثم في كل مائة وخمسين ثلاث حقاق، ثم تستأنف الفريضة‏)‏ بعد المائة والخمسين ‏(‏ففي كل خمس شاة‏)‏ مع الثلاث حقاق ‏(‏ثم في كل خمس وعشرين بنت مخاض‏)‏ مع الحقاق ‏(‏ثم في ست وثلاثين بنت لبون‏)‏ معهن ‏(‏ثم في مائة وست وتسعين أربع حقاق إلى مائتين، ثم تستأنف الفريضة‏)‏ بعد المائتين ‏(‏أبدا، كما تستأنف في الخمسين التي بعد المائة والخمسين‏)‏ حتى يجب في كل خمسين حقة‏.‏ ولا تجزئ ذكور الإبل إلا بالقيمة للإناث، بخلاف البقر والغنم، فإن المالك مخير‏.‏

باب زكاة البقر

من البقر بالسكون‏:‏ وهو الشق‏.‏ سمي به؛ لأنه يشق الأرض كالثور؛ لأنه يثير الأرض‏.‏ ومفرده بقرة والتاء للوحدة‏.‏ ‏(‏نصاب البقر والجاموس‏)‏ ولو متوالدا من وحش وأهلية، بخلاف عكسه ووحشي بقر وغنم وغيرهما فإنه لا يعد في النصاب ‏(‏ثلاثون سائمة‏)‏ غير مشتركة ‏(‏وفيها تبيع‏)‏ لأنه يتبع أمه ‏(‏ذو سنة‏)‏ كاملة ‏(‏أو تبيعة‏)‏ أنثاه ‏(‏وفي أربعين مسن ذو سنتين أو مسنة، وفيما زاد‏)‏ على الأربعين ‏(‏بحسابه‏)‏ في ظاهر الرواية عن الإمام‏.‏ وعنه‏:‏ لا شيء فيما زاد ‏(‏إلى ستين ففيها ضعف ما في ثلاثين‏)‏ وهو قولهما والثلاثة وعليه الفتوى بحر عن الينابيع وتصحيح القدوري ‏(‏ثم في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة‏)‏ إلا إذا تداخلا كمائة وعشرين فيخير بين أربع أتبعة وثلاث مسنات، وهكذا‏.‏

باب زكاة الغنم

مشتق من الغنيمة؛ لأنه ليس لها آلة الدفاع فكانت غنيمة لكل طالب ‏(‏نصاب الغنم ضأنا أو معزا‏)‏ فإنهما سواء في تكميل النصاب والأضحية والربا لا في أداء الواجب والأيمان ‏(‏أربعون وفيها شاة‏)‏ تعم الذكور والإناث ‏(‏وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه، وفي أربعمائة أربع شياه‏)‏ وما بينهما عفو ‏(‏ثم‏)‏ بعد بلوغها أربعمائة ‏(‏في كل مائة شاة‏)‏ إلى غير نهاية ‏(‏ويؤخذ في زكاتها‏)‏ أي الغنم ‏(‏الثني‏)‏ من الضأن والمعز ‏(‏وهو ما تمت له سنة لا الجذع إلا بالقيمة‏)‏ وهو ما أتى أكثرها على الظاهر‏.‏ وعنه جواز الجذع من الضأن، وهو قولهما، والدليل يرجحه، ذكره الكمال‏.‏ والثني من البقر ابن سنتين، ومن الإبل ابن خمس والجذع من البقر ابن سنة ومن الإبل ابن أربع ‏(‏ولا شيء في خيل‏)‏ سائمة عندهما وعليه الفتوى خانية وغيرها ثم عند الإمام هل لها نصاب مقدر‏؟‏ الأصح لا لعدم النقل بالتقدير ‏(‏و‏)‏ لا في ‏(‏بغال وحمير‏)‏ سائمة إجماعا ‏(‏ليست للتجارة‏)‏ فلو لها فلا كلام؛ لأنها من العروض ‏(‏و‏)‏ لا في ‏(‏عوامل وعلوفة‏)‏ ما لم تكن العلوفة للتجارة ‏(‏و‏)‏ لا في ‏(‏حمل‏)‏ بفتحتين ولد الشاة ‏(‏وفصيل‏)‏ ولد الناقة ‏(‏وعجول‏)‏ بوزن سنور‏:‏ ولد البقرة؛ وصورته أن يموت كل الكبار ويتم الحول على أولادها الصغار ‏(‏إلا تبعا لكبير‏)‏ ولو واحدا، ويجب ذلك الواحد ولو ناقصا؛ فلو جيدا يلزم الوسط وهلاكه يسقطها، ولو تعدد الواجب وجب الكبار فقط ولا يكمل من الصغار خلافا للثاني ‏(‏و‏)‏ لا في ‏(‏عفو وهو ما بين النصب‏)‏ في كل الأموال وخصاه بالسوائم ‏(‏و‏)‏ لا في ‏(‏هالك بعد وجوبها‏)‏ ومنع الساعي في الأصح لتعلقها بالعين لا بالذمة، وإن هلك بعضه سقط حقه، ويصرف الهالك إلى العفو أولا ثم إلى نصاب يليه، ثم وثم ‏(‏بخلاف المستهلك‏)‏ بعد الحول لوجود التعدي، ومنه ما لو حبسها عن العلف أو الماء حتى هلكت فيضمن بدائع والتوى بعد القرض والإعارة واستبدال مال التجارة بمال التجارة هلاك وبغير مال التجارة والسائمة بالسائمة استهلاك‏.‏

‏(‏وجاز دفع القيمة في زكاة وعشر وخراج وفطرة ونذر وكفارة غير الإعتاق‏)‏ وتعتبر القيمة يوم الوجوب، وقالا يوم الأداء‏.‏ وفي السوائم يوم الأداء إجماعا، وهو الأصح، ويقوم في البلد الذي المال فيه ولو في مفازة ففي أقرب الأمصار إليه فتح‏.‏ ‏(‏والمصدق‏)‏ لا ‏(‏يأخذ‏)‏ إلا ‏(‏الوسط‏)‏ وهو أعلى الأدنى وأدنى الأعلى ولو كله جيدا فجيد ‏(‏وإن لم يجد‏)‏ المصدق وكذا إن وجد فالقيد اتفاقي ‏(‏ما وجب من‏)‏ ذات ‏(‏سن دفع‏)‏ المالك ‏(‏الأدنى مع الفضل‏)‏ جبرا على الساعي لأنه دفع بالقيمة ‏(‏أو‏)‏ دفع ‏(‏الأعلى ورد الفضل‏)‏ بلا جبر لأنه شراء فيشترط فيه الرضا هو الصحيح سراج ‏(‏أو‏)‏ دفع ‏(‏القيمة‏)‏ ولو دفع ثلاث شياه سمان عن أربع وسط جاز ‏(‏والمستفاد‏)‏ ولو بهبة أو إرث ‏(‏وسط الحول يضم إلى نصاب من جنسه‏)‏ فيزكيه بحول الأصل، ولو أدى زكاة نقده ثم اشترى به سائمة لا تضم، ولو له نصابان مما لم يضم أحدهما كثمن سائمة مزكاة وألف درهم وورث ألفا ضمت إلى أقربهما حولا وربح كل يضم إلى أصله‏.‏

‏(‏أخذ البغاة‏)‏ والسلاطين الجائرة ‏(‏زكاة‏)‏ الأموال الظاهرة كا ‏(‏لسوائم والعشر والخراج لا إعادة على أربابها إن صرف‏)‏ المأخوذ ‏(‏في محله‏)‏ الآتي ذكره ‏(‏وإلا‏)‏ يصرف ‏(‏فيه فعليهم‏)‏ فيما بينهم وبين الله ‏(‏إعادة غير الخراج‏)‏ لأنهم مصارفه‏.‏ واختلف في الأموال الباطنة؛ ففي الولوالجية وشرح الوهبانية المفتى به عدم الإجزاء‏.‏ وفي المبسوط الأصح الصحة إذا نوى بالدفع لظلمة زماننا الصدقة عليهم لأنهم بما عليهم من التبعات فقراء، حتى أفتي أمير بلخ بالصيام لكفارة عن يمينه؛ ولو أخذها الساعي جبرا لم تقع زكاة لكونها بلا اختيار ولكن يجبر بالحبس ليؤدي بنفسه لأن الإكراه لا ينافي الاختيار‏.‏ وفي التجنيس‏:‏ المفتى به سقوطها في الأموال الظاهرة لا الباطنة‏.‏ ‏(‏ولو خلط السلطان المال المغصوب بماله ملكه فتجب الزكاة فيه ويورث عنه‏)‏؛ لأن الخلط استهلاك إذا لم يمكن تمييز عند أبي حنيفة، وقوله أرفق إذ قلما يخلو مال عن غصب، وهذا إذا كان له مال غير ما استهلكه بالخلط منفصل عنه يوفي دينه وإلا فلا زكاة، كما لو كان الكل خبيثا كما في النهر عن الحواشي السعدية‏.‏ وفي شرح الوهبانية عن البزازية‏:‏ إنما يكفر إذا تصدق بالحرام القطعي، أما إذا أخذ من إنسان مائة ومن آخر مائة وخلطهما ثم تصدق لا يكفر لأنه ليس بحرام بعينه بالقطع لاستهلاكه بالخلط

‏(‏ولو عجل ذو نصاب‏)‏ زكاته ‏(‏لسنين أو لنصب صح‏)‏ لوجود السبب، وكذا لو عجل عشر زرعه أو ثمره بعد الخروج قبل الإدراك؛ واختلف فيه قبل النبات وخروج الثمرة والأظهر الجواز، وكذا لو عجل خراج رأسه، وتمامه في النهر ‏(‏وإن‏)‏ وصلية ‏(‏أيسر الفقير قبل تمام الحول أو مات أو ارتد و‏)‏ ذلك لأن ‏(‏المعتبر كونه مصرفا وقت الصرف إليه‏)‏ لا بعده؛ ولو غرس في أرض الخراج كرما فما لم يتم الكرم كان عليه خراج الزرع مجمع الفتاوى‏.‏

‏(‏ولا شيء في مال صبي تغلبين‏)‏ بفتح اللام وتكسر نسبة لبني تغلب بكسرها‏:‏ قوم من نصارى العرب ‏(‏وعلى المرأة ما على الرجل منهم‏)‏ لأن الصلح وقع منهم كذلك‏.‏

‏(‏ويؤخذ‏)‏ في الزكاة السائمة ‏(‏الوسط‏)‏ لا الهوام ولا الكرائم ‏(‏ولا يؤخذ من تركته بغير وصية‏)‏ لفقد شرطها وهو النية ‏(‏وإن أوصى بها اعتبر من الثلث‏)‏ إلا أن يجيز الورثة ‏(‏وحولها‏)‏ أي الزكاة ‏(‏قمري‏)‏ بحر عن القنية ‏(‏لا شمسي‏)‏ وسيجيء الفرق في العنين‏.‏

‏(‏شك أنه أدى الزكاة أو لا يؤديها‏)‏ لأن وقتها العمر أشباه‏.‏

باب زكاة المال

أل فيه للمعهود في حديث‏:‏ «هاتوا ربع عشر أموالكم» فإن المراد به غير السائمة لأن زكاتها غير مقدرة به‏.‏ ‏(‏نصاب الذهب عشرون مثقالا والفضة مائتا درهم كل عشرة‏)‏ دراهم ‏(‏وزن سبعة مثاقيل‏)‏ والدينار عشرون قيراطا، والدرهم أربعة عشر قيراطا، والقيراط خمس شعيرات، فيكون الدرهم الشرعي سبعين شعيرة والمثقال مائة شعيرة، فهو درهم وثلاث أسباع درهم، وقيل يفتى في كل بلد بوزنهم وسنحققه في متفرقات البيوع ‏(‏والمعتبر وزنهما أداء ووجوبا‏)‏ لا قيمتهما‏.‏

‏(‏واللازم‏)‏ مبتدأ ‏(‏في مضروب كل‏)‏ منهما ‏(‏ومعموله ولو تبرا أو حليا مطلقا‏)‏ مباح الاستعمال أو لا ولو للتجمل والنفقة؛ لأنهما خلقا أثمانا فيزكيهما كيف كانا ‏(‏أو‏)‏ في ‏(‏عرض تجارة قيمته نصاب‏)‏ الجملة صفة عرض وهو هنا ما ليس بنقد‏.‏ وأما عدم صحة النية في نحو الأرض الخراجية فلقيام المانع كما قدمنا لا لأن الأرض ليست من العرض فتنبه‏.‏

‏(‏من ذهب أو ورق‏)‏ أي فضة مضروبة، فأفاد أن التقويم إنما يكون بالمسكوك عملا بالعرف ‏(‏مقوما بأحدهما‏)‏ إن استويا، فلو أحدهما أروج تعين التقويم به؛ ولو بلغ بأحدهما نصابا دون الآخر تعين ما يبلغ به، ولو بلغ بأحدهما نصابا وخمسا وبالآخر أقل قومه بالأنفع للفقير سراج ‏(‏ربع عشر‏)‏ خبر قوله اللازم‏.‏ ‏(‏وفي كل خمس‏)‏ بضم الخاء ‏(‏بحسابه‏)‏ ففي كل أربعين درهما درهم، وفي كل أربعة مثاقيل قيراطان، وما بين الخمس إلى الخمس عفو‏.‏ وقالا‏:‏ ما زاد بحسابه وهي مسألة الكسور ‏(‏وغالب الفضة والذهب فضة وذهب وما غلب غشه‏)‏ منهما ‏(‏يقوم‏)‏ كالعروض، ويشترط فيه النية إلا إذا كان يخلص منه ما يبلغ نصابا أو أقل‏.‏ وعنده ما يتم به أو كانت أثمانا رائجة وبلغت نصابا من أدنى فقد تجب زكاته فتجب وإلا فلا‏.‏ ‏(‏واختلف في‏)‏ الغش ‏(‏المساوي والمختار لزومها احتياطا‏)‏ خانية ولذا لا تباع إلا وزنا‏.‏

وأما الذهب المخلوط بفضة، فإن غلب الذهب فذهب وإلا فإن بلغ الذهب أو الفضة نصابه وجبت

‏(‏وشرط كمال النصاب‏)‏ ولو سائمة ‏(‏في طرفي الحول‏)‏ في الابتداء للانعقاد وفي الانتهاء للوجوب ‏(‏فلا يضر نقصانه بينهما‏)‏ فلو هلك كله بطل الحول‏.‏ وأما الدين فلا يقطع ولو مستغرقا ‏(‏وقيمة العرض‏)‏ للتجارة ‏(‏تضم إلى الثمنين‏)‏ لأن الكل للتجارة وضعا وجعلا ‏(‏و‏)‏ يضم ‏(‏الذهب إلى الفضة‏)‏ وعكسه بجامع الثمنية ‏(‏قيمة‏)‏ وقالا بالإجزاء، فلو له مائة درهم وعشرة دنانير قيمتها مائة وأربعون تجب ستة عنده وخمسة عندهما فافهم‏.‏

‏(‏ولا تجب‏)‏ الزكاة عندنا ‏(‏في نصاب‏)‏ مشترك ‏(‏من سائمة‏)‏ ومال تجارة ‏(‏وإن صحت الخلطة فيه‏)‏ باتحاد أسباب الإسامة التسعة التي يجمعها أوص من يشفع وبيانه في شروح المجمع وإن تعدد النصاب تجب إجماعا، ويتراجعان بالحصص، وبيانه في الحاوي، فإن بلغ نصيب أحدهما نصابا زكاه دون الآخر؛ ولو بينه وبين ثمانين رجلا ثمانون شاة لا شيء عليه لأنه مما لا يقسم خلافا للثاني سراج‏.‏

‏(‏و‏)‏ اعلم أن الديون عند الإمام ثلاثة‏:‏ قوي، ومتوسط، وضعيف؛ ‏(‏فتجب‏)‏ زكاتها إذا تم نصابا وحال الحول، لكن لا فورا بل ‏(‏عند قبض أربعين درهما من الدين‏)‏ القوي كقرض ‏(‏وبدل مال تجارة‏)‏ فكلما قبض أربعين درهما يلزمه درهم ‏(‏و‏)‏ عند قبض ‏(‏مائتين منه لغيرها‏)‏ أي من بدل مال لغير تجارة وهو المتوسط كثمن سائمة وعبيد خدمة ونحوهما مما هو مشغول بحوائجه الأصلية كطعام وشراب وأملاك‏.‏ ويعتبر ما مضى من الحول قبل القبض في الأصح، ومثله ما لو ورث دينا على رجل ‏(‏و‏)‏ عند قبض ‏(‏مائتين مع حولان الحول بعده‏)‏ أي بعد القبض ‏(‏من‏)‏ دين ضعيف وهو ‏(‏بدل غير مال‏)‏ كمهر ودية وبدل كتابة وخلع، إلا إذا كان عنده ما يضم إلى الدين الضعيف كما مر؛ ولو أبرأ رب الدين المديون بعد الحول فلا زكاة سواء كان الدين قويا أو لا خانية، وقيده في المحيط بالمعسر‏.‏ أما الموسر فهو استهلاك فليحفظ بحر قال في النهر‏:‏ وهذا ظاهر في أنه تقييد للإطلاق وهو غير صحيح في الضعيف كما لا يخفى ‏(‏ويجب عليها‏)‏ أي المرأة ‏(‏زكاة نصف مهر‏)‏ من نقد ‏(‏مردود بعد‏)‏ مضي ‏(‏الحول من ألف‏)‏ كانت ‏(‏قبضته مهرا‏)‏ ثم ردت النصف ‏(‏لطلاق قبل الدخول بها‏)‏ فتزكي الكل؛ لما تقرر أن النقود لا تتعين في العقود والفسوخ ‏(‏وتسقط‏)‏ الزكاة ‏(‏عن موهوب له في‏)‏ نصاب ‏(‏مرجوع فيه مطلقا‏)‏ سواء رجع بقضاء أو غيره ‏(‏بعد الحول‏)‏ لورود الاستحقاق على عين الموهوب، ولذا لا رجوع بعد هلاكه قيد به لأنه لا زكاة على الواهب اتفاقا لعدم الملك وهي من الحيل ومنها أن يهبه لطفله قبل التمام بيوم‏.‏

باب العاشر

قيل هذا من تسمية الشيء باسم أحواله ولا حاجة إليه بل العشر علم لما يأخذه العاشر مطلقا ذكره سعدي أي علم جنس ‏(‏هو حر مسلم‏)‏ بهذا يعلم حرمة تولية اليهود على الأعمال ‏(‏غير هاشمي‏)‏ لما فيه من شبهة الزكاة ‏(‏قادر على الحماية‏)‏ من اللصوص والقطاع لأن الجباية بالحماية‏.‏ ‏(‏نصبه الإمام على الطريق‏)‏ للمسافرين خرج الساعي فإنه الذي يسعى في القبائل ليأخذ صدقة المواشي في أماكنها ‏(‏ليأخذ الصدقات‏)‏ تغليبا للعبادة على غيرها ‏(‏من التجار‏)‏ بوزن فجار ‏(‏المارين بأموالهم‏)‏ الظاهرة والباطنة ‏(‏عليه‏)‏ وما ورد من ذم العشار محمول على الأخذ ظلما‏.‏ ‏(‏فمن أنكر تمام الحول أو قال‏)‏ لم أنو التجارة أو ‏(‏علي دين‏)‏ محيط أو منقص للنصاب؛ لأن ما يأخذه زكاة معراج، وهو الحق بحر ولذا أطلقه المصنف ‏(‏أو‏)‏ قال ‏(‏أديت إلى عاشر آخر وكان‏)‏ عاشر آخر محقق ‏(‏أو‏)‏ قال ‏(‏أديت إلى الفقراء في المصر‏)‏ لا بعد الخروج لما يأتي ‏(‏وحلف صدق‏)‏ في الكل بلا إخراج براءة في الأصح‏.‏ لاشتباه الخط، حتى لو أتى بها على خلاف اسم ذلك العاشر حلف وصدق وعدت عدما ولو ظهر كذبه بعد سنين أخذت منه ‏(‏إلا في السوائم والأموال الباطنة بعد إخراجها من البلد‏)‏ لأنها بالإخراج التحقت بالأموال الظاهرة فكان الأخذ فيها للإمام فيكون هو الزكاة، والأول ينقلب نفلا ويأخذها منه بقوله لقول عمر‏:‏ لا تنبشوا على الناس متاعهم لكنه يحلفه إذا اتهم ‏(‏وكل ما صدق فيه مسلم‏)‏ مما مر ‏(‏صدق فيه ذمي‏)‏ لأن لهم ما لنا ‏(‏إلا في قوله أديت‏)‏ أنا ‏(‏إلى فقير‏)‏ لعدم ولاية ذلك‏.‏ ‏(‏لا‏)‏ يصدق ‏(‏حربي‏)‏ في شيء ‏(‏إلا في أم ولده، وقوله لغلام يولد مثله لمثله هذا ولدي‏)‏ لفقد المالية، فإن لم يولد عتق عليه وعشر لأنه أقر بالعتق فلا يصدق في حق غيره ‏(‏و‏)‏ إلا في ‏(‏قوله أديت إلى عاشر آخر وثمة عاشر آخر‏)‏ لئلا يؤدي إلى استئصال المال جزم به منلا خسرو وذكره الزيلعي تبعا للسروجي بلفظ‏:‏ ينبغي كذا نقله المصنف عن البحر، لكن جزم في العناية والغاية بعدم تصديقه ورجحه في النهر‏.‏

‏(‏وأخذ منا ربع عشر ومن الذمي‏)‏ سواء كان تغليبيا أو لم يكن كما في البرجندي عن الظهيرية ‏(‏ضعفه ومن الحربي عشر‏)‏ بذلك أمر عمر ‏(‏بشرط كون المال‏)‏ لكل واحد ‏(‏نصابا‏)‏ لأن ما دونه عفو ‏(‏و‏)‏ بشرط ‏(‏جهلنا‏)‏ قدر ‏(‏ما أخذوا منا، فإن علم أخذ مثله‏)‏ مجازاة إلا إذا أخذوا الكل فلا نأخذه بل نترك له ما يبلغه مأمنه إبقاء للأمان‏.‏ ‏(‏ولا نأخذ منهم شيئا إذا لم يبلغ مالهم نصابا‏)‏ وإن أخذوا منا في الأصح لأنه ظلم ولا متابعة عليه ‏(‏أو لم يأخذوا منا‏)‏ ليستمروا عليه ولأنا أحق بالمكارم ‏(‏ولا يؤخذ‏)‏ العشر ‏(‏من مال صبي حربي إلا أن يكونوا يأخذون من أموال صبياننا‏)‏ أشياء كما في كافي الحاكم‏.‏ ‏(‏أخذ من الحربي مرة لا يؤخذ منه ثانيا في تلك السنة إلا إذا عاد إلى دار الحرب‏)‏ لعدم جواز الأخذ بلا تجدد حول أو عهد ‏(‏ولو مر الحربي بعاشر ولم يعلم به‏)‏ العاشر ‏(‏حتى دخل‏)‏ دار الحرب ‏(‏ثم خرج‏)‏ ثانيا ‏(‏لم يعشره لما مضى‏)‏ لسقوطه بانقطاع الولاية ‏(‏بخلاف المسلم والذمي‏)‏ لعدم المسقط ذكره الزيلعي

‏(‏ويؤخذ نصف عشر من قيمة خمر‏)‏ وجلود ميتة ‏(‏كافر‏)‏ كذا أقر المصنف متنه في شرحه لو ‏(‏للتجارة‏)‏‏.‏ وبلغ نصابا ويؤخذ عشر القيمة من حربي بلا نية تجارة ولا يؤخذ من المسلم شيء اتفاقا ‏(‏لا‏)‏ يؤخذ ‏(‏من خنزيره‏)‏ مطلقا لأنه قيمي فأخذ قيمته كعينه بخلاف الشفعة لأنه لو لم يأخذ الشفيع بقيمة الخنزير يبطل حقه أصلا فيتضرر ومواضع الضرورة مستثناة ذكره سعدي ‏(‏و‏)‏ لا يؤخذ أيضا من ‏(‏مال في بيته‏)‏ مطلقا ‏(‏و‏)‏ لا من مال ‏(‏بضاعة‏)‏ إلا أن تكون لحربي ‏(‏و‏)‏ لا من ‏(‏مال مضاربة‏)‏ إلا أن يربح المضارب فيعشر نصيبه إن بلغ نصابا ‏(‏و‏)‏ لا من ‏(‏كسب مأذون مديون‏)‏ بدين ‏(‏محيط‏)‏ بماله ورقبته ‏(‏أو‏)‏ مأذون غير مديون لكن ‏(‏ليس معه مولاه‏)‏ على الصحيح في الثلاثة لعدم ملكهم ولذا لا يؤخذ العشر من الوصي إذا قال‏:‏ هذا مال اليتيم، ولا من عبد ومكاتب

‏(‏مر على عاشر الخوارج فعشروه ثم مر على عاشر أهل العدل أخذ منه ثانيا‏)‏ لتقصيره بمروره بهم بخلاف ما لو غلبوا على بلد‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

مر بنصاب رطاب للتجارة كبطيخ ونحوه لا يعشره عند الإمام إلا إذا كان عند العاشر فقراء فيأخذ ليدفع لهم نهر بحثا‏.‏

باب الركاز

ألحقوه بالزكاة لكونه من الوظائف المالية‏.‏ ‏(‏هو‏)‏ لغة‏:‏ من الركز أي الإثبات بمعنى المركوز، وشرعا‏:‏ ‏(‏مال‏)‏ مركوز ‏(‏تحت أرض‏)‏ أعم ‏(‏من‏)‏ كون راكزه الخالق أو المخلوق فلذا قال ‏(‏معدن خلقي‏)‏ خلقه الله تعالى ‏(‏و‏)‏ من ‏(‏كنز‏)‏ أي مال ‏(‏مدفون‏)‏ دفنه الكفار لأنه الذي يخمس ‏(‏وجد مسلم أو ذمي‏)‏ ولو قنا صغيرا أنثى ‏(‏معدن نقد و‏)‏ نحو ‏(‏حديد‏)‏ وهو كل جامد ينطبع بالنار ومنه الزئبق، فخرج المائع كنفط وقار وغير المنطبع كمعادن الأحجار ‏(‏في أرض خراجية أو عشرية‏)‏ خارج الدار لا المفازة لدخولها بالأولى ‏(‏خمس‏)‏ مخففا أي أخذ خمسه لحديث‏:‏ «وفي الركاز الخمس» وهو يعم المعدن كما مر ‏(‏وباقيه لمالكها إن ملكت وإلا‏)‏ كجبل ومفازة‏.‏ ‏(‏فللواجد و‏)‏ المعدن ‏(‏لا شيء فيه إن وجده في داره‏)‏ وحانوته ‏(‏وأرضه‏)‏ في رواية الأصل واختارها في الكنز ‏(‏ولا شيء في ياقوت وزمرد وفيروزج‏)‏ ونحوها ‏(‏وجدت في جبل‏)‏ أي في معادنها ‏(‏ولو‏)‏ وجدت ‏(‏دفين الجاهلية‏)‏ أي كنزا ‏(‏خمس‏)‏ لكونه غنيمة‏.‏ والحاصل‏:‏ أن الكنز يخمس كيف كان والمعدن إن كان ينطبع ‏(‏و‏)‏ لا في ‏(‏لؤلؤ‏)‏ هو مطر الربيع ‏(‏وعنبر‏)‏ حشيش يطلع في البحر أو خثي دابة ‏(‏وكذا جميع ما يستخرج من البحر من حلية‏)‏ ولو ذهبا كان كنزا في قعر البحر لأنه لم يرد عليه القهر فلم يكن غنيمة ‏(‏وما عليه سمة الإسلام من الكنوز‏)‏ نقدا أو غيره ‏(‏فلقطة‏)‏ سيجيء حكمها ‏(‏وما عليه سمة الكفر خمس وباقيه للمالك أول الفتح‏)‏ ولوارثه لو حيا وإلا فلبيت المال على الأوجه وهذا ‏(‏إن ملكت أرضه وإلا فللواجد‏)‏ ولو ذميا قنا أنثى لأنهم من أهل الغنيمة ‏(‏خلا حربي مستأمن‏)‏ فإنه يسترد منه ما أخذ ‏(‏إلا إذا عمل‏)‏ في المفاوز ‏(‏بإذن الإمام على شرط فله المشروط‏)‏ ولو عمل رجلان في الركاز فهو للواجد وإن كانا أجيرين فهو للمستأجر ‏(‏وإن خلا عنها‏)‏ أي العلامة ‏(‏أو اشتبه الضرب فهو جاهلي على‏)‏ ظاهر ‏(‏المذهب‏)‏ ذكره الزيلعي لأنه الغالب وقيل كاللقطة

‏(‏ولا يخمس ركاز‏)‏ معدنا كان أو كنزا ‏(‏وجد في‏)‏ صحراء ‏(‏دار الحرب‏)‏ بل كله للواجد ولو مستأمنا لأنه كالمتلصص ‏(‏و‏)‏ لذا ‏(‏لو دخله جماعة ذو منعة وظفروا بشيء من كنوزهم‏)‏ ومعدنهم ‏(‏خمس‏)‏ لكونه غنيمة ‏(‏وإن وجده‏)‏ أي الركاز مستأمن ‏(‏في أرض مملوكة‏)‏ لبعضهم ‏(‏رده إلى مالكه‏)‏ تحرزا عن الغدر ‏(‏فإن‏)‏ لم يرده ‏(‏وأخرجه منها ملكه ملكا خبيثا‏)‏ فسبيله التصدق به فلو باعه صح لقيام ملكه لكن لا يطيب للمشتري ‏(‏ولو وجده‏)‏ أي الركاز ‏(‏غيره‏)‏ أي غير مستأمن ‏(‏فيها‏)‏ أي في أرض مملوكة لهم حل له ‏(‏فلا يرد ولا يخمس‏)‏ لما مر بلا فرق بين متاع وغيره وما في النقاية من أن ركاز متاع أرض لم تملك بخمس سهم إلا أن يحمل على متاعهم الموجود في أرضنا‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

للواجد صرف الخمس لنفسه وأصله وفرعه وأجنبي بشرط فقرهم‏.‏

باب العشر

‏(‏يجب‏)‏ العشر ‏(‏في عسل‏)‏ وإن قل ‏(‏أرض غير الخراج‏)‏ ولو غير عشرية كجبل ومفازة بخلاف الخراجية لئلا يجتمع العشر والخراج ‏(‏وكذا‏)‏ يجب العشر ‏(‏في ثمرة جبل أو مفازة إن حماه الإمام‏)‏ لأنه مال مقصود لا إن لم يحمه لأنه كالصيد

‏(‏و‏)‏ تجب في ‏(‏مسقي سماء‏)‏ أي مطر ‏(‏وسيح‏)‏ كنهر ‏(‏بلا شرط نصاب‏)‏ راجع للكل ‏(‏و‏)‏ بلا شرط ‏(‏بقاء‏)‏ وحولان حول لأن فيه معنى المؤنة ولذا كان للإمام أخذه جبرا ويؤخذ من التركة ويجب مع الدين وفي أرض صغير ومجنون ومكاتب ومأذون ووقف وتسميته زكاة مجاز ‏(‏إلا فيهما‏)‏ لا يقصد به استغلال الأرض ‏(‏نحو حطب وقصب‏)‏ فارسي ‏(‏وحشيش‏)‏ وتبن وسعف وصمغ وقطران وخطمي وأشنان وشجر قطن وباذنجان وبزر بطيخ وقثاء وأدوية كحلبة وشونيز حتى لو أشغل أرضه بها يجب العشر

‏(‏و‏)‏ يجب ‏(‏نصفه في مسقي غرب‏)‏ أي دلو كبير ‏(‏ودالية‏)‏ أي دولاب لكثرة المؤنة وفي كتب الشافعية أو سقاه بماء اشتراه وقواعدنا لا تأباه ولو سقى سيحا وبآلة اعتبر الغالب ولو استويا فنصفه وقيل ثلاثة أرباعه ‏(‏بلا رفع مؤن‏)‏ أي كلف ‏(‏الزرع‏)‏ وبلا إخراج البذر لتصريحهم بالعشر في كل الخارج

‏(‏و‏)‏ يجب ‏(‏ضعفه في أرض عشرية لتغلبين مطلقا وإن‏)‏ كان طفلا أو أنثى أو ‏(‏أسلم أو ابتاعها‏)‏ من مسلم أو ابتاعها ‏(‏منه مسلم أو ذمي‏)‏ لأن التضعيف كالخراج فلا يتبدل‏.‏

‏(‏وأخذ الخراج من ذمي‏)‏ غير تغلبي ‏(‏اشترى‏)‏ أرضا ‏(‏عشرية من مسلم‏)‏ وقبضها منه للتنافي ‏(‏و‏)‏ أخذ ‏(‏العشر من مسلم أخذها منه‏)‏ من الذمي ‏(‏بشفعة‏)‏ لتحول الصفقة إليه ‏(‏أو ردت عليه لفساد البيع‏)‏ وبخيار شرط أو رؤية مطلقا أو عيب بقضاء ولو بغيره بقيت خراجية لأنه إقالة لا فسخ‏.‏

‏(‏وأخذ خراج من دار جعلت بستانا‏)‏ أو مزرعة ‏(‏إن‏)‏ كانت ‏(‏لذمي‏)‏ مطلقا ‏(‏أو أسلم‏)‏ وقد ‏(‏سقاها بمائه‏)‏ لرضاه به ‏(‏و‏)‏ أخذ ‏(‏عشر إن سقاها‏)‏ المسلم ‏(‏بمائه‏)‏ أو بهما لأنه أليق به‏.‏

‏(‏ولا شيء في عين‏)‏ دار و ‏(‏مقبرة‏)‏ ولو لذمي ‏(‏و‏)‏ لا في عين قير‏:‏ أي زفت و ‏(‏نفط‏)‏ دهن يعلو الماء ‏(‏مطلقا‏)‏ أي في أرض أو خراج ‏(‏و‏)‏ لكن ‏(‏في حريمها الصالح للزراعة من أرض الخراج خراج‏)‏ لا فيها لتعلق الخراج بالتمكن من الزراعة، وأما العشر فيجب في حريمها العشري إن زرعه وإلا لا لتعلقه بالخارج‏.‏

‏(‏ويؤخذ‏)‏ العشر عند الإمام ‏(‏عند ظهور الثمرة‏)‏ وبدو صلاحها برهان، وشرط في النهر أمن فسادها‏.‏

‏(‏ولا يحل لصاحب أرض‏)‏ خراجية ‏(‏أكل غلتها قبل أداء خراجها‏)‏ ولا يأكل من طعام العشر حتى يؤدي العشر وإن أكل ضمن عشره مجمع الفتاوى، وللإمام حبس الخارج للخراج ومن منع الخراج سنين لا يؤخذ لما مضى عند أبي حنيفة خانية وفيها ‏(‏من عليه عشر أو خراج ومات أخذ من تركته، وفي رواية لا‏)‏ بل يسقط بالموت والأول ظاهر الرواية‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

تمكن ولم يزرع وجب الخراج دون العشر ويسقطان بهلاك الخارج والخراج على الغاصب إن زرعها وكان جاحدا ولا بينة بها‏.‏

والخراج في بيع الوفاء على البائع إن بقي في يده‏.‏

ولو باع الزرع إن قبل إدراكه فالعشر على المشتري ولو بعده فعلى البائع والعشر على المؤجر كخراج موظف وقالا على المستأجر كمستعير مسلم‏:‏ وفي الحاوي وبقولهما نأخذ وفي المزارعة إن كان البذر من رب الأرض فعليه، ولو من العامل فعليهما بالحصة‏:‏ ومن له حظ في بيت المال وظفر بما هو موجه له له أخذه ديانة‏.‏

وللمودع صرف وديعة مات ربها ولا وارث لنفسه أو غيره من المصارف‏:‏ دفع النائبة والظلم عن نفسه أولى إلا إذا تحمل حصته باقيهم وتصح الكفالة بها ويؤجر من قام بتوزيعها بالعدل وإن كان الأخذ باطلا وهذا يعرف ولا يعرف كفا لمادة الظلم يجوز ترك الخراج للمالك لا العشر، وسيجيء تمامه مع بيان بيوت المال ومصارفها في الجهاد ونظمها ابن الشحنة فقال‏:‏ بيوت المال أربعة لكل مصارف بينتها العالمونا فأولها الغنائم والكنوز ركاز بعدها المتصدقونا وثالثها خراج مع عشور وجالية يليها العاملونا ورابعها الضوائع مثل ما لا يكون له أناس وارثونا فمصرف الأولين أتى بنص وثالثها حواه مقاتلونا ورابعها فمصرفه جهات تساوى النفع فيها المسلمونا

باب المصرف

أي مصرف الزكاة والعشر، وأما خمس المعدن فمصرفه كالغنائم ‏(‏هو فقير، وهو من له أدنى شيء‏)‏ أي دون نصاب أو قدر نصاب غير نام مستغرق في الحاجة‏.‏

‏(‏ومسكين من لا شيء له‏)‏ على المذهب، - لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو مسكينا ذا متربة‏}‏ - وآية السفينة للترحم

‏(‏وعامل‏)‏ يعم الساعي والعاشر ‏(‏فيعطى‏)‏ ولو غنيا لا هاشميا لأنه فرغ نفسه لهذا العمل فيحتاج إلى الكفاية والغنى لا يمنع من تناولها عند الحاجة كابن السبيل بحر عن البدائع‏:‏ وبهذا التعليل يقوى ما نسب للواقعات من أن طالب العلم يجوز له أخذ الزكاة ولو غنيا إذا فرغ نفسه لإفادة العلم واستفادته لعجزه عن الكسب والحاجة داعية إلى ما لا بد منه كذا ذكره المصنف ‏(‏بقدر عمله‏)‏ ما يكفيه وأعوانه بالوسط لكن لا يزاد على نصف ما يقبضه‏.‏

‏(‏ومكاتب‏)‏ لغير هاشمي، ولو عجز حل لمولاه ولو غنيا كفقير استغنى وابن سبيل وصل لماله، وسكت عن المؤلفة قلوبهم لسقوطهم إما بزوال العلة أو نسخ بقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ في آخر الأمر‏:‏ «خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم»

‏(‏ومديون لا يملك نصابا فاضلا عن دينه‏)‏ وفي الظهيرية‏:‏ الدفع للمديون أولى منه للفقير‏.‏

‏(‏وفي سبيل الله وهو منقطع الغزاة‏)‏ وقيل الحاج وقيل طلبة العلم، وفسره في البدائع بجميع القرب وثمرة الاختلاف في نحو الأوقاف

‏(‏وابن السبيل وهو‏)‏ كل ‏(‏من له ماله لا معه‏)‏ ومنه ما لو كان ماله مؤجلا أو على غائب أو معسر أو جاحد ولو له بينة في الأصح‏.‏

‏(‏يصرف‏)‏ المزكى ‏(‏إلى كلهم أو إلى بعضهم‏)‏ ولو واحد من أي صنف كان؛ لأن أل الجنسية تبطل الجمعية، وشرط الشافعي ثلاثة من كل صنف‏.‏ ويشترط أن يكون الصرف ‏(‏تمليكا‏)‏ لا إباحة كما مر ‏(‏لا‏)‏ يصرف ‏(‏إلى بناء‏)‏ نحو ‏(‏مسجد و‏)‏ لا إلى ‏(‏كفن ميت وقضاء دينه‏)‏ أما دين الحي الفقير فيجوز لو بأمره، ولو أذن فمات فإطلاق الكتاب يفيد عدم الجواز وهو الوجه نهر ‏(‏و‏)‏ لا إلى ‏(‏ثمن ما‏)‏ أي قن ‏(‏يعتق‏)‏ لعدم التمليك وهو الركن‏.‏ وقدمنا لأن الحيلة أن يتصدق على الفقير ثم يأمره بفعل هذه الأشياء وهل له أن يخالف أمره‏؟‏ لم أره والظاهر نعم ‏(‏ولا‏)‏ إلى ‏(‏من بينهما ولاد‏)‏ ولو مملوكا لفقير ‏(‏أو‏)‏ بينهما ‏(‏زوجية‏)‏ ولو مبانة وقالا تدفع هي لزوجها‏.‏

‏(‏و‏)‏ لا إلى ‏(‏مملوك المزكي‏)‏ ولو مكاتبا أو مدبرا ‏(‏و‏)‏ لا إلى ‏(‏عبد أعتق المزكي بعضه‏)‏ سواء كان كله له أو بينه وبين ابنه فأعتق الأب حظه معسرا لا يدفع له لأن مكاتبه أو مكاتب ابنه، وأما المشترك بينه وبين أجنبي فحكمه على مما مر لأنه إما مكاتب نفسه أو غيره‏.‏ وقالا‏:‏ يجوز مطلقا لأنه حر كله أو حر مديون فافهم‏.‏

‏(‏و‏)‏ لا إلى ‏(‏غني‏)‏ يملك قدر نصاب فارغ عن حاجته الأصلية من أي مال كان كمن له نصاب سائمة لا تساوي مائة درهم كما جزم به في البحر والنهر، وأقره المصنف قائلا وبه يظهر ضعف ما في الوهبانية وشرحها من أنه تحل له الزكاة وتلزمه الزكاة‏.‏ ا هـ‏.‏ لكن اعتمد في الشرنبلالية ما في الوهبانية وحرر وجزم بأن ما في البحر وهم ‏(‏و‏)‏ لا إلى ‏(‏مملوكه‏)‏ أي الغني ولو مدبرا أو زمنا ليس في عيال مولاه أو كان مولاه غائبا على المذهب لأن المانع وقوع الملك لمولاه ‏(‏غير المكاتب‏)‏ والمأذون المديون بمحيط فيجوز ‏(‏و‏)‏ لا إلى ‏(‏طفله‏)‏ بخلاف ولده الكبير وأبيه وامرأته الفقراء وطفل الغنية فيجوز لانتفاء المانع‏.‏

‏(‏و‏)‏ لا إلى ‏(‏بني هاشم‏)‏ إلا من أبطل النص قرابته وهم بنو لهب، فتحل لمن أسلم منهم كما تحل لبني المطلب‏.‏ ثم ظاهر المذهب إطلاق المنع، وقول العيني والهاشمي‏:‏ يجوز له دفع زكاته لمثله صوابه لا يجوز نهر ‏(‏و‏)‏ لا إلى ‏(‏مواليهم‏)‏ أي عتقائهم فأرقاؤهم أولى لحديث‏:‏ «مولى القوم منهم» وهل كانت تحل لسائر الأنبياء‏؟‏ خلاف واعتمد في النهر حلها لأقربائهم لا لهم ‏(‏وجازت التطوعات من الصدقات و‏)‏ غلة ‏(‏الأوقاف لهم‏)‏ أي لبني هاشم، سواء سماهم الواقف أو لا على ما هو الحق كما حققه في الفتح، لكن في السراج وغيره إن سماهم جاز، وإلا لا‏.‏ قلت‏:‏ وجعله محشي الأشباه محمل القولين، ثم نقل صاحب البحر عن المبسوط وهل تحل الصدقة لسائر الأنبياء‏؟‏ قيل نعم، وهذه خصوصية لنبينا صلى الله عليه وسلم وقيل لا بل تحل لقرابتهم فهي خصوصية لقرابة نبينا إكراما وإظهارا لفضيلته صلى الله عليه وسلم فليحفظ‏.‏

‏(‏ولا‏)‏ تدفع ‏(‏إلى ذمي‏)‏ لحديث معاذ ‏(‏وجاز‏)‏ دفع ‏(‏غيرها وغير العشر‏)‏ والخراج ‏(‏إليه‏)‏ أي الذمي ولو واجبا كنذر وكفارة وفطرة خلافا للثاني وبقوله يفتي حاوي القدسي وأما الحربي ولو مستأمنا فجميع الصدقات لا تجوز له اتفاقا بحر عن الغاية وغيرها، لكن جزم الزيلعي بجواز التطوع له‏.‏

‏(‏دفع بتحر‏)‏ لمن يظنه مصرفا ‏(‏فبان أنه عبده أو مكاتبه أو حربي ولو مستأمنا أعادها‏)‏ لما مر ‏(‏وإن بان غناه أو كونه ذميا أو أنه أبوه أو ابنه أو امرأته أو هاشمي لا‏)‏ يعيد لأنه أتى بما في وسعه، حتى لو دفع بلا تحر لم يجز إن أخطأ‏.‏

‏(‏وكره إعطاء فقير نصابا‏)‏ أو أكثر ‏(‏إلا إذا كان‏)‏ المدفوع إليه ‏(‏مديونا أو‏)‏ كان ‏(‏صاحب عيال‏)‏ بحيث ‏(‏لو فرقه عليهم لا يخص كلا‏)‏ أو لا يفضل بعد دينه ‏(‏نصاب‏)‏ فلا يكره فتح‏.‏

‏(‏و‏)‏ كره ‏(‏نقلها إلا إلى قرابة‏)‏ بل في الظهيرية لا تقبل صدقة الرجل وقرابته محاويج حتى يبدأ بهم فيسد حاجتهم ‏(‏أو أحوج‏)‏ أو أصلح أو أورع أو أنفع للمسلمين ‏(‏أو من دار الحرب إلى دار الإسلام أو إلى طالب علم‏)‏ وفي المعراج التصدق على العالم الفقير أفضل ‏(‏أو إلى الزهاد أو كانت معجلة‏)‏ قبل تمام الحول فلا يكره خلاصة‏.‏

‏(‏ولا يجوز صرفها لأهل البدع‏)‏ كالكرامية؛ لأنهم مشبهة في ذات الله وكذا الشبهة في الصفات ‏(‏في المختار‏)‏؛ لأن مفوت المعرفة من جهة الذات يلحق بمفوت المعرفة من جهة الصفات مجمع الفتاوى ‏(‏كما لا يجوز دفع زكاة الزاني لولده منه‏)‏ أي من الزنى وكذا الذي نفاه احتياطا ‏(‏إلا إذا كان‏)‏ الولد ‏(‏من ذات زوج معروف‏)‏ فصولين والكل في الأشباه‏.‏

‏(‏ولا‏)‏ يحل أن ‏(‏يسأل‏)‏ من القوت ‏(‏من له قوت يومه‏)‏ بالفعل أو بالقوة كالصحيح المكتسب ويأثم معطيه إن علم بحاله لإعانته على المحرم ‏(‏ولو سأل للكسوة‏)‏ أو لاشتغاله عن الكسب بالجهاد أو طلب العلم ‏(‏جاز‏)‏ لو محتاجا‏.‏‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

يندب دفع ما يغنيه يومه عن السؤال، واعتبار حاله من حاجة وعيال‏.‏ والمعتبر في الزكاة فقراء مكان المال، وفي الوصية مكان الموصي، وفي الفطرة مكان المؤدي عند محمد، وهو الأصح، وأن رءوسهم تبع لرأسه‏.‏

دفع الزكاة إلى صبيان أقاربه برسم عيد أو إلى مبشر أو مهدي الباكورة جاز إلا إذا نص على التعويض، ولو دفعها لأخته ولها على زوجها مهر يبلغ نصابا وهو مليء مقر، ولو طلبت لا يمتنع عن الأداء لا تجوز وإلا جاز ولو دفعها المعلم لخليفته إن كان بحيث يعمل له لو لم يعطه وإلا لا، ولو وضعها على كفه فانتهبها الفقراء جاز، ولو سقط مال فرفعه فقير فرضي به جاز إن كان يعرفه والمال القائم خلاصة‏.‏

باب صدقة الفطر

من إضافة الحكم لشرطه والفطر لفظ إسلامي والفطرة مولد، بل قيل لحن وأمر بها في السنة التي فرض فيها رمضان قبل الزكاة وكان عليه الصلاة والسلام يخطب قبل الفطر بيومين يأمر بإخراجها ذكره الشمني ‏(‏تجب‏)‏ وحديث‏:‏ «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر» معناه قدر للإجماع على أن منكرها لا يكفر ‏(‏موسعا في العمر‏)‏ عند أصحابنا وهو الصحيح بحر عن البدائع معللا بأن الأمر بأدائها مطلق الزكاة على قول كما مر، ولو مات فأداها وارثه جاز ‏(‏وقيل مضيقا في يوم الفطر عينا‏)‏ فبعده يكون قضاء واختاره الكمال في تحريره ورجحه في تنوير البصائر ‏(‏على كل‏)‏ حر ‏(‏مسلم‏)‏ ولو صغيرا مجنونا، حتى لو لم يخرجها وليهما وجب الأداء بعد البلوغ ‏(‏ذي نصاب فاضل عن حاجته الأصلية‏)‏ كدينه وحوائج عياله ‏(‏وإن لم يتم‏)‏ كما مر ‏(‏وبه‏)‏ أي بهذا النصاب ‏(‏تحرم الصدقة‏)‏ كما مر، وتجب الأضحية ونفقة المحارم على الراجح

‏(‏و‏)‏ إنما لم يشترط النمو؛ لأن ‏(‏وجوبها بقدرة ممكنة‏)‏ هي ما يجب بمجرد التمكن من الفعل فلا يشترط بقاؤها لبقاء الوجوب؛ لأنها شرط محض ‏(‏لا‏)‏ بقدرة ‏(‏ميسرة‏)‏ هي ما يجب بعد التمكن بصفة اليسر، فغيرته من العسر إلى اليسر فيشترط بقاؤها؛ لأنها في معنى العلة وقد حررناه فيما علقناه على المنار ثم فرع عليه ‏(‏فلا تسقط‏)‏ الفطرة وكذا الحج ‏(‏بهلاك المال بعد الوجوب‏)‏ كما لا يبطل النكاح بموت الشهود ‏(‏بخلاف الزكاة‏)‏ والعشر والخراج لاشتراط بقاء الميسرة ‏(‏عن نفسه‏)‏ متعلق بيجب وإن لم يصم لعذر ‏(‏وطفله الفقير‏)‏ والكبير المجنون، ولو تعدد الآباء فعلى كل فطرة ولو زوج طفلته الصالحة لخدمة الزوج فلا فطرة والجد كالأب عند فقده أو فقره كما اختاره في الاختيار ‏(‏وعبده لخدمته‏)‏ ولو مديونا أو مستأجرا أو مرهونا إذا كان عنده وفاء بالدين‏.‏ وأما الموصى بخدمته لواحد وبرقبته لآخر ففطرته على مالك رقبته كالعبد العارية الوديعة والجاني وقول الزيلعي لا تجب سبق قلم فتح ‏(‏ومدبره وأم ولده ولو‏)‏ كان عبده ‏(‏كافرا‏)‏ لتحقق السبب وهو رأس يمونه ويلي عليه ‏(‏لا عن زوجته‏)‏ وولده الكبير العاقل، ولو أدى عنهما بلا إذن أجزأ استحسانا للإذن عادة أي لو في عياله وإلا فلا قهستاني عن المحيط فليحفظ ‏(‏وعبده الآبق‏)‏ والمأسور ‏(‏والمغصوب المجحود‏)‏ إن لم تكن عليه بينة خلاصة إلا بعد عوده فيجب لما مضى ‏(‏و‏)‏ لا عن ‏(‏مكاتبه ولا تجب عليه‏)‏؛ لأن ما في يده لمولاه ‏(‏وعبيد مشتركة‏)‏ إلا إذا كان عبد بين اثنين وتهايآه ووجد الوقت في نوبة أحدهما فتجب في قول ‏(‏وتوقف‏)‏ الوجوب ‏(‏لو‏)‏ كان المملوك ‏(‏مبيعا بخيار‏)‏ فإذا مر يوم الفطر والخيار باق تلزم على من يصير له‏.‏

‏(‏نصف صاع‏)‏ فاعل يجب ‏(‏من بر أو دقيقه أو سويقه أو زبيب‏)‏ وجعلاه كالتمر، وهو رواية عن الإمام وصححه البهنسي وغيره‏.‏ وفي الحقائق والشرنبلالية عن البرهان‏:‏ وبه يفتى ‏(‏أو صاع تمر أو شعير‏)‏ ولو رديئا وما لم ينص عليه كذرة وخبز يعتبر فيه القيمة ‏(‏وهو‏)‏ أي الصاع المعتبر ‏(‏ما يسع ألفا وأربعين درهما من ماش أو عدس‏)‏ إنما قدر بهما لتساويهما كيلا ووزنا‏.‏

‏(‏ودفع القيمة‏)‏ أي الدراهم ‏(‏أفضل من دفع العين على المذهب‏)‏ المفتى به جوهرة وبحر عن الظهيرية وهذا في السعة، أما في الشدة فدفع العين أفضل كما لا يخفى

‏(‏بطلوع فجر الفطر‏)‏ متعلق بيجب ‏(‏فمن مات قبله‏)‏ أي الفجر ‏(‏أو ولد بعده أو أسلم لا تجب عليه‏.‏ ويستحب إخراجها قبل الخروج إلى المصلى بعد طلوع فجر الفطر‏)‏ عملا بأمره وفعله عليه الصلاة والسلام‏.‏

‏(‏وصح أداؤها إذا قدمه على يوم الفطر أو أخره‏)‏ اعتبارا بالزكاة والسبب موجود إذ هو الرأس ‏(‏بشرط دخول رمضان في الأول‏)‏ أي مسألة التقديم ‏(‏هو الصحيح‏)‏ وبه يفتى جوهرة وبحر عن الظهيرية لكن عامة المتون والشروح على صحة التقديم مطلقا وصححه غير واحد ورجحه في النهر ونقل عن الولوالجية أنه ظاهر الرواية‏.‏ قلت‏:‏ فكان هو المذهب ‏(‏وجاز دفع كل شخص فطرته إلى‏)‏ مسكين أو ‏(‏مسكين على‏)‏ ما عليه الأكثر وبه جزم في الولوالجية والخانية والبدائع والمحيط وتبعهم الزيلعي في الظهار من غير ذكر خلاف وصححه في البرهان فكان هو ‏(‏المذهب‏)‏ كتفريق الزكاة والأمر في حديث ‏"‏ أغنوهم ‏"‏ للندب فيفيد الأولوية، ولذا قال في الظهيرية‏:‏ لا يكره التأخير أي تحريما ‏(‏كما جاز دفع صدقة جماعة إلى مسكين واحد بلا خلاف‏)‏ يعتد به

‏(‏خلطت‏)‏ امرأة أمرها زوجها بأداء فطرته ‏(‏حنطته بحنطتها بغير إذن الزوج ودفعت إلى فقير جاز عنها لا عنه‏)‏ لما مر أن الانخلاط عند الإمام استهلاك يقطع حق صاحبه وعندهما لا يقطع فيجوز إن أجاز الزوج ظهيرية ولو بالعكس‏.‏ قال في النهر‏:‏ لم أره، ومقتضى ما مر جوازه عنهما بلا إجازتها

‏(‏ولا يبعث الإمام على صدقة الفطر ساعيا‏)‏؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يفعله بدائع‏.‏

‏(‏وصدقة الفطر كالزكاة في المصارف‏)‏ وفي كل حال ‏(‏إلا في‏)‏ جواز ‏(‏الدفع إلى الذمي‏)‏ وعدم سقوطها بهلاك المال وقد مر

‏(‏ولو دفع صدقة فطره إلى زوجة عبده جاز‏)‏ وإن كانت نفقتها عليه عمدة الفتاوى للشهيد‏.‏ ‏[‏خاتمة‏]‏ واجبات الإسلام سبعة‏:‏ الفطرة، ونفقة ذي رحم، ووتر وأضحية، وعمرة وخدمة أبويه، والمرأة لزوجها حدادي‏.‏

كتاب الصوم

قيل لو قال الصيام لكان أولى لما في الظهيرية لو قال‏:‏ لله علي صوم لزمه يوم، ولو قال‏:‏ صيام لزمه ثلاثة أيام كما في قوله تعالى -‏:‏ ‏{‏ففدية من صيام‏}‏ - وتعقب بأن الصوم له أنواع على أن أل تبطل معنى الجمع والأصح أنه لا يكره قول رمضان‏.‏ وفرض بعد صرف القبلة إلى الكعبة لعشر في شعبان بعد الهجرة بسنة ونصف ‏(‏هو‏)‏ لغة ‏(‏إمساك عن المفطرات‏)‏ الآتية ‏(‏حقيقة أو حكما‏)‏ كمن أكل ناسيا فإنه ممسك حكما ‏(‏في وقت مخصوص‏)‏ وهو اليوم ‏(‏من شخص مخصوص‏)‏ مسلم كائن في دارنا أو عالم بالوجوب طاهر عن حيض أو نفاس ‏(‏مع النية‏)‏ المعهودة وأما البلوغ والإفاقة فليسا من شرط الصحة لصحة صوم الصبي ومن جن أو أغمي عليه بعد النية، وإنما لم يصح صومهما في اليوم الثاني لعدم النية‏.‏ وحكمه نيل الثواب ولو منهيا عنه كما في الصلاة في أرض مغصوبة‏.‏

‏(‏وسبب صوم‏)‏ المنذور النذر ولذا لو عين شهرا وصام شهرا قبله عنه أجزأه لوجود السبب ويلغو التعيين والكفارات الحنث والقتل و ‏(‏رمضان شهود جزء من الشهر‏)‏ من ليل أو نهار على المختار كما في الخبازية واختار فخر الإسلام وغيره أنه الجزء الذي يمكن إنشاء الصوم فيه من كل يوم، حتى لو أفاق المجنون في ليلة أو في آخر أيامه بعد الزوال لا قضاء عليه وعليه الفتوى كما في المجتبى والنهر عن الدراية وصححه غير واحد وهو الحق كما في الغاية‏.‏‏.‏

‏(‏وهو‏)‏ أقسام ثمانية‏:‏ ‏(‏فرض‏)‏ وهو نوعان‏:‏ معين ‏(‏كصوم رمضان أداء و‏)‏ غير معين كصومه ‏(‏قضاء و‏)‏ صوم ‏(‏الكفارات‏)‏ لكنه فرض عملا لا اعتقادا ولذا لا يكفر جاحده قال البهنسي تبعا لابن الكمال‏.‏ ‏(‏وواجب‏)‏ وهو نوعان‏:‏ معين ‏(‏كالنذر المعين، و‏)‏ غير معين كالنذر ‏(‏المطلق‏)‏ وأما قوله تعالى -‏:‏ ‏{‏وليوفوا نذورهم‏}‏ - فدخله الخصوص كالنذر بمعصية فلم يبق قطعيا ‏(‏وقيل‏)‏ قائله الأكمل وغيره واعتمده الشرنبلالي، لكن تعقبه سعدي بالفرق بأن المنذورة لا تؤدى بعد صلاة العصر بخلاف الفائتة ‏(‏هو فرض على الأظهر‏)‏ كالكفارات يعني عملا لأن مطلق الإجماع لا يفيد الفرض القطعي كما بسطه خسرو ‏(‏ونفل كغيرهما‏)‏ يعم السنة كصوم عاشوراء مع التاسع‏.‏ والمندوب كأيام البيض من كل شهر ويوم الجمعة ولو منفردا وعرفة ولو لحاج لم يضعفه‏.‏ والمكروه تحريما كالعيدين‏.‏ وتنزيها كعاشوراء وحده وسبت وحده ونيروز ومهرجان إن تعمده وصوم دهره وصوم صمت ووصال وإن أفطر الأيام الخمسة، وهذا عند أبي يوسف كما في المحيط فهي خمسة عشر‏.‏‏.‏

وأنواعه ثلاثة عشر‏:‏ سبعة متتابعة رمضان وكفارة ظهار وقتل ويمين وإفطار رمضان ونذر معين واعتكاف واجب‏.‏ وستة يخير فيها‏:‏ نفل وقضاء رمضان وصوم متعة وفدية حلق وجزاء صيد ونذر مطلق‏.‏ إذا تقرر هذا ‏(‏فيصح‏)‏ أداء ‏(‏صوم رمضان والنذر المعين والنفل بنية من الليل‏)‏ فلا تصح قبل الغروب ولا عنده ‏(‏إلى الضحوة الكبرى لا‏)‏ بعدها ولا ‏(‏عندها‏)‏ اعتبارا لأكثر اليوم ‏(‏وبمطلق النية‏)‏ أي نية الصوم فأل بدل عن المضاف إليه ‏(‏وبنية نفل‏)‏ لعدم المزاحم ‏(‏وبخطأ في وصف‏)‏ كنية واجب آخر ‏(‏في أداء رمضان‏)‏ فقط لتعينه بتعيين الشارع ‏(‏إلا‏)‏ إذا وقعت النية ‏(‏من مريض أو مسافر‏)‏ حيث يحتاج إلى التعيين لعدم تعينه في حقهما فلا يقع عن رمضان ‏(‏بل يقع عما نوى‏)‏ من نفل أو واجب ‏(‏على ما عليه الأكثر‏)‏ بحر وهو الأصح سراج، وقيل بأنه ظاهر الرواية فلذا اختاره المصنف تبعا للدرر لكن في أوائل الأشباه الصحيح وقوع الكل عن رمضان سوى مسافر نوى واجبا آخر واختاره ابن الكمال وفي الشرنبلالي عن البرهان أنه الأصح ‏(‏والنذر المعين‏)‏ ولا يصح بنية واجب آخر بل ‏(‏يقع عن واجب نواه‏)‏ مطلقا فرقا بين تعيين الشارع والعبد ‏(‏ولو صام مقيم عن غير رمضان‏)‏ ولو ‏(‏لجهله به‏)‏ أي برمضان ‏(‏فهو عنه‏)‏ لا عما نوى لحديث‏:‏ «إذا جاء رمضان فلا صوم إلا عن رمضان»‏.‏

‏(‏ويحتاج صوم كل يوم من رمضان إلى نية‏)‏ ولو صحيحا مقيما تمييزا للعبادة عن العادة‏.‏ وقال زفر ومالك‏:‏ تكفي نية واحدة كالصلاة‏.‏ قلنا‏:‏ فساد البعض لا يوجب فساد الكل بخلاف الصلاة ‏(‏والشرط للباقي‏)‏ من الصيام قران النية للفجر ولو حكما وهو ‏(‏تبييت النية‏)‏ للضرورة ‏(‏وتعيينها‏)‏ لعدم تعين الوقت‏.‏ والشرط فيها‏:‏ أن يعلم بقلبه أي صوم يصومه‏.‏ قال الحدادي‏:‏ والسنة أن يتلفظ بها ولا تبطل بالمشيئة بل بالرجوع عنها بأن يعزم ليلا على الفطر ونية الصائم الفطر لغو ونية الصوم في الصلاة صحيحة، ولا تفسدها بلا تلفظ، ولو نوى القضاء نهارا صار نفلا فيقضيه لو أفسده لأن الجهل في دارنا غير معتبر فلم يكن كالمظنون - بحر

‏(‏ولا يصام يوم الشك‏)‏ هو يوم الثلاثين من شعبان وإن لم يكن علة أي على القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع لجواز تحقق الرؤية في بلدة أخرى، وأما على مقابله فليس بشك ولا يصام أصلا شرح المجمع للعيني عن الزاهدي ‏(‏إلا نفلا‏)‏ ويكره غيره ‏(‏ولو صامه لواجب آخر كره‏)‏ تنزيها ولو جزم أن يكون عن رمضان كره تحريما ‏(‏ويقع عنه في الأصح إن لم تظهر رمضانيته وإلا‏)‏ بأن ظهرت ‏(‏فعنه‏)‏ لو مقيما ‏(‏والتنفل فيه أحب‏)‏ أي أفضل اتفاقا ‏(‏إن وافق صوما يعتاده‏)‏ أو صام من آخر شعبان ثلاثة فأكثر لا أقل لحديث‏:‏ «لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين»‏.‏ وأما حديث‏:‏ «من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم» فلا أصل له ‏(‏وإلا يصومه الخواص ويفطر غيرهم بعد الزوال‏)‏ به يفتى نفيا لتهمة النهي ‏(‏وكل من علم كيفية صوم الشك فهو من الخواص وإلا فمن العوام، والنية‏)‏ المعتبرة هنا ‏(‏أن ينوي التطوع‏)‏ على سبيل الجزم ‏(‏من لا يعتاد صوم ذلك اليوم‏)‏‏.‏ أما المعتاد فحكمه مر ‏(‏ولا يخطر بباله أنه إن كان من رمضان فعنه‏)‏ ذكره أخي زاده ‏(‏وليس بصائم لو‏)‏ ردد في أصل النية بأن ‏(‏نوى أن يصوم غدا إن كان من رمضان وإلا فلا‏)‏ أصوم لعدم الجزم ‏(‏كما‏)‏ أنه ليس بصائم ‏(‏لو نوى أنه إن لم يجد غداء فهو صائم وإلا فمفطر ويصير صائما مع الكراهة لو‏)‏ ردد في وصفها بأن ‏(‏نوى إن كان من رمضان فعنه وإلا فعن واجب آخر وكذا‏)‏ يكره ‏(‏لو قال أنا صائم إن كان من رمضان وإلا فعن نفل‏)‏ للتردد بين مكروهين أو مكروه وغير مكروه ‏(‏فإن ظهر رمضانيته فعنه وإلا فنفل فيهما‏)‏ أي الواجب والنفل ‏(‏غير مضمون بالقضاء‏)‏ لعدم التنفل قصدا‏.‏ أكل المتلوم ناسيا قبل النية كأكله بعدها وهو الصحيح شرح وهبانية‏.‏‏.‏

‏(‏رأى‏)‏ مكلف ‏(‏هلال رمضان أو الفطر ورد قوله‏)‏ بدليل شرعي ‏(‏صام‏)‏ مطلقا وجوبا وقيل ندبا ‏(‏فإن أفطر قضى فقط‏)‏ فيهما لشبهة الرد‏.‏ ‏(‏واختلف‏)‏ المشايخ لعدم الرواية عن المتقدمين ‏(‏فيما إذا أفطر قبل الرد‏)‏ لشهادته ‏(‏والراجح عدم وجوب الكفارة‏)‏ وصححه غير واحد لأن ما رآه يحتمل أن يكون خيالا لا هلالا وأما بعد قبوله فتجب الكفارة ولو فاسقا في الأصح ‏(‏وقبل بلا دعوى و‏)‏ بلا ‏(‏لفظ أشهد‏)‏ وبلا حكم ومجلس قضاء لأنه خبر لا شهادة ‏(‏للصوم مع علة كغيم‏)‏ وغبار ‏(‏خبر عدل‏)‏ أو مستور على ما صححه البزازي على خلاف ظاهر الرواية لا فاسق اتفاقا وهل له أن يشهد مع علمه بفسقه قال البزازي‏:‏ نعم لأن القاضي ربما قبله ‏(‏ولو‏)‏ كان العدل ‏(‏قنا أو أنثى أو محدودا في قذف تاب‏)‏ بين - كيفية الرؤية أو لا على المذهب وتقبل شهادة واحد على آخر كعبد وأنثى ولو على مثلهما ويجب على الجارية المخدرة أن تخرج في ليلتها بلا إذن مولاها وتشهد كما في الحافظية‏.‏‏.‏

‏(‏وشرط للفطر‏)‏ مع العلة والعدالة ‏(‏نصاب الشهادة ولفظ أشهد‏)‏ وعدم الحد في قذف لتعلق نفع العبد لكن ‏(‏لا‏)‏ تشترط ‏(‏الدعوى‏)‏ كما لا تشترط في عتق الأمة وطلاق الحرة

‏(‏ولو كانوا ببلدة لا حاكم فيها صاموا بقول ثقة وأفطروا بإخبار عدلين‏)‏ مع العلة ‏(‏للضرورة‏)‏ ولو رآه الحاكم وحده خير في الصوم بين نصب شاهد وبين أمرهم بالصوم بخلاف العيد كما في الجوهرة، ولا عبرة بقول المؤقتين، ولو عدولا على المذهب قال في الوهبانية وقول أولى التوقيت ليس بموجب وقيل نعم والبعض إن كان يكثر

‏(‏و‏)‏ قبل ‏(‏بلا علة جمع عظيم يقع العلم‏)‏ الشرعي وهو غلبة الظن ‏(‏بخبرهم وهو مفوض إلى رأي الإمام من غير تقدير بعدد‏)‏ على المذهب وعن الإمام أنه يكتفى بشاهدين واختاره في البحر وصحح في الأقضية الاكتفاء بواحد إن جاء من خارج البلد أو كان على مكان مرتفع، واختاره ظهير الدين قالوا وطريق إثبات رمضان والعيد أن يدعي وكالة معلقة بدخوله بقبض دين على الحاضر فيقر بالدين والوكالة وينكر الدخول فيشهد الشهود برؤية الهلال فيقضى عليه به، ويثبت دخول الشهر ضمنا لعدم دخوله تحت الحكم‏.‏

‏(‏شهدوا أنه شهد عند قاضي مصر كذا شاهدان برؤية الهلال‏)‏ في ليلة كذا ‏(‏وقضى‏)‏ القاضي ‏(‏به ووجد استجماع شرائط الدعوى قضى‏)‏ أي جاز لهذا ‏(‏القاضي‏)‏ أن يحكم ‏(‏بشهادتهما‏)‏ لأن قضاء القاضي حجة وقد شهدوا به لا لو شهدوا برؤية غيرهم لأنه حكاية، نعم لو استفاض الخير في البلدة الأخرى لزمهم على الصحيح من المذهب مجتبى وغيره ‏(‏وبعد صوم ثلاثين بقول عدلين حل الفطر‏)‏ الباء متعلقة بصوم وبعد متعلقة بحل لوجود - نصاب الشهادة

‏(‏و‏)‏ لو صاموا ‏(‏بقول عدل‏)‏ حيث يجوز وغم هلال الفطر ‏(‏لا‏)‏ يحل على المذهب خلافا لمحمد كذا ذكره المصنف، لكن نقل ابن الكمال عن الذخيرة أنه إن غم هلال الفطر حل اتفاقا وفي الزيلعي الأشبه إن غم حل وإلا لا‏.‏

‏(‏و‏)‏ هلال ‏(‏الأضحى‏)‏ وبقية الأشهر التسعة ‏(‏كالفطر‏)‏ على المذهب -

ورؤيته بالنهار لليلة الآتية مطلقا على المذهب ذكره الحدادي

‏(‏واختلاف المطالع‏)‏ ورؤيته نهارا قبل الزوال وبعده ‏(‏غير معتبر على‏)‏ ظاهر ‏(‏المذهب‏)‏ وعليه أكثر المشايخ وعليه الفتوى بحر عن الخلاصة ‏(‏فيلزم أهل المشرق برؤية أهل المغرب‏)‏ إذا ثبت عندهم رؤية أولئك بطريق موجب كما مر، وقال الزيلعي‏:‏ الأشبه أنه يعتبر لكن قال الكمال‏:‏ الأخذ بظاهر الرواية أحوط‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

إذا رأوا الهلال يكره أن يشيروا إليه لأنه من عمل الجاهلية كما في السراجية وكراهة البزازية‏.‏

باب ما يفسد الصوم وما لا يفسده

الفساد والبطلان في العبادات سيان ‏(‏إذا أكل الصائم أو شرب أو جامع‏)‏ حال كونه ‏(‏ناسيا‏)‏ في الفرض والنفل قبل النية أو بعدها على الصحيح بحر عن القنية إلا أن يذكر فلم يتذكر - ويذكره لو قويا وإلا وليس عذرا في حقوق العباد

‏(‏أو دخل حلقه غبار أو ذباب أو دخان‏)‏ ولو ذاكرا استحسانا لعدم إمكان التحرز عنه، ومفاده أنه لو أدخل حلقه الدخان أفطر أي دخان كان ولو عودا أو عنبرا له ذاكرا لإمكان التحرز عنه فليتنبه له كما بسطه الشرنبلالي‏.‏

‏(‏أو أدهن أو اكتحل أو احتجم‏)‏ وإن وجد طعمه في حلقه

‏(‏أو قبل‏)‏ ولم ينزل ‏(‏أو احتلم أو أنزل بنظر‏)‏ ولو إلى فرجها مرارا ‏(‏أو بفكر‏)‏ وإن طال مجمع ‏(‏أو بقي بلل في فيه بعد المضمضة وابتلعه مع الريق‏)‏ كطعم أدوية ومص إهليلج بخلاف نحو سكر‏.‏

‏(‏أو دخل الماء في أذنه وإن كان بفعله‏)‏ على المختار كما لو حك أذنه بعود ثم أخرجه وعليه درن ثم أدخله ولو مرارا

‏(‏أو ابتلع ما بين أسنانه وهو دون الحمصة‏)‏ لأنه تبع لريقه، ولو قدرها أفطر كما سيجيء ‏(‏أو خرج الدم من بين أسنانه ودخل حلقه‏)‏ يعني ولم يصل إلى جوفه أما إذا وصل فإن غلب الدم أو تساويا فسد وإلا لا، إلا إذا وجد طعمه بزازية واستحسنه المصنف وهو ما عليه الأكثر وسيجيء

‏(‏أو طعن برمح فوصل إلى جوفه‏)‏ وإن بقي في جوفه كما لو ألقي حجر في الجائفة أو نفذ السهم من الجانب الآخر ولو بقي النصل في جوفه فسد ‏(‏أو أدخل عودا‏)‏ ونحوه ‏(‏في مقعدته وطرفه خارج‏)‏ وإن غيبه فسد وكذا لو ابتلع خشبة أو خيطا ولو فيه لقمة مربوطة إلا أن ينفصل منها شيء‏.‏ ومفاده أن استقرار الداخل في الجوف شرط للفساد بدائع‏.‏

‏(‏أو أدخل أصبعه اليابسة فيه‏)‏ أي دبره أو فرجها ولو مبتلة فسد، ولو أدخلت قطنة إن غابت فسد وإن بقي طرفها في فرجها الخارج لا، ولو بالغ في الاستنجاء حتى بلغ موضع الحقنة فسد وهذا قلما يكون ولو كان فيورث داء عظيما ‏(‏أو نزع المجامع‏)‏ حال كونه ‏(‏ناسيا في الحال عند ذكره‏)‏ وكذا عند طلوع الفجر وإن أمنى بعد النزع لأنه كالاحتلام، ولو مكث حتى أمنى ولم يتحرك قضى فقط وإن حرك نفسه قضى وكفر كما لو نزع ثم أولج ‏(‏أو رمى اللقمة من فيه‏)‏ عند ذكره أو طلوع الفجر ولو ابتلعها إن قبل إخراجها كفر وبعده لا ‏(‏أو جامع فيما دون الفرج ولم ينزل‏)‏ يعني في غير السبيلين كسرة وفخذ وكذا الاستمناء بالكف وإن كره تحريما لحديث‏:‏ «ناكح اليد ملعون» ولو خاف الزنى يرجى أن لا وبال عليه‏.‏

‏(‏أو أدخل ذكره في بهيمة‏)‏ أو ميتة ‏(‏من غير إنزال‏)‏ أو ‏(‏مس فرج بهيمة أو قبلها فأنزل أو أقطر في إحليله‏)‏ ماء أو دهنا وإن وصل إلى المثانة على المذهب، وأما في قبلها فمفسد إجماعا لأنه كالحقنة‏.‏

‏(‏أو أصبح جنبا و‏)‏ إن بقي كل اليوم ‏(‏أو اغتاب‏)‏ من الغيبة ‏(‏أو دخل أنفه مخاط فاستشمه فدخل حلقه‏)‏ وإن نزل لرأس أنفه كما لو ترطب شفتاه بالبزاق عند الكلام ونحوه فابتلعه أو سال ريقه إلى ذقنه كالخيط ولم ينقطع فاستنشقه ‏(‏ولو عمدا‏)‏ خلافا للشافعي في القادر على مج النخامة فينبغي الاحتياط ‏(‏أو ذاق شيئا بفمه‏)‏ وإن كره ‏(‏لم يفطر‏)‏ جواب الشرط وكذا لو فتل الخيط ببزاقه مرارا وإن بقي فيه عقد البزاق إلا أن يكون مصبوغا وظهر لونه في ريقه وابتلعه ذاكرا ونظمه ابن الشحنة فقال‏:‏ مكرر بل الخيط بالريق فاتلا بإدخاله في فيه لا يتضرر وعن بعضهم‏:‏ إن يبلع الريق بعد ذا يضر كصبغ لونه فيه يظهر‏.‏

‏(‏وإن أفطر خطأ‏)‏ كأن تمضمض فسبقه الماء أو شرب نائما أو تسحر أو جامع على ظن عدم الفجر ‏(‏أو‏)‏ أوجر ‏(‏مكرها‏)‏ أو نائما وأما حديث ‏"‏ رفع الخطأ ‏"‏ فالمراد رفع الإثم وفي التحرير المؤاخذة بالخطأ جائزة عندنا خلافا للمعتزلة‏.‏

‏(‏أو أكل‏)‏ أو جامع ‏(‏ناسيا‏)‏ أو احتلم أو أنزل بنظر أو ذرعه القيء ‏(‏فظن أنه أفطر فأكل عمدا‏)‏ للشبهة - ولو علم عدم فطره لزمته الكفارة إلا في مسألة المتن فلا كفارة مطلقا على المذهب لشبهة خلاف مالك خلافا لهما كما في المجمع وشروحه فقيد الظن إنما هو لبيان الاتفاق‏.‏

‏(‏أو احتقن أو استعط‏)‏ في أنفه شيئا ‏(‏أو أقطر في أذنه دهنا أو داوى جائفة أو آمة‏)‏ فوصل الدواء حقيقة - إلى جوفه ودماغه‏.‏

‏(‏أو ابتلع حصاة‏)‏ ونحوها مما لا يأكله الإنسان أو يعافه أو يستقذره ونظمه ابن الشحنة فقال‏:‏ ومستقذر مع غير مأكول مثلنا ففي أكله التكفير يلغى ويهجر‏.‏

‏(‏أو لم ينو في رمضان كله صوما ولا فطرا‏)‏ مع الإمساك لشبهة خلاف زفر ‏(‏أو أصبح غير ناو للصوم فأكل عمدا‏)‏ ولو بعد النية قبل الزوال لشبهة خلاف الشافعي‏:‏ ومفاده أن الصوم بمطلق النية كذلك‏.‏

‏(‏أو دخل حلقه مطر أو ثلج‏)‏ بنفسه لإمكان التحرز عنه بضم فمه بخلاف نحو الغبار والقطرتين من دموعه أو عرقه وأما في الأكثر - فإن وجد الملوحة في جميع فمه واجتمع شيء كثير وابتلعه أفطر وإلا لا خلاصة‏.‏

‏(‏أو وطئ امرأة ميتة‏)‏ أو صغيرة لا تشتهى نهر ‏(‏أو بهيمة أو فخذا أو بطنا أو قبل‏)‏ ولو قبلة فاحشة بأن يدغدغ أو يمص شفتيها ‏(‏أو لمس‏)‏ ولو بحائل لا يمنع الحرارة أو استنما بكفه أو بمباشرة فاحشة ولو بين المرأتين ‏(‏فأنزل‏)‏ قيد للكل حتى لو لم ينزل لم يفطر كما مر‏.‏

‏(‏أو أفسد غير صوم رمضان أداء‏)‏ لاختصاصها - بهتك رمضان

‏(‏أو وطئت نائمة أو مجنونة‏)‏ بأن أصبحت صائمة فجنت ‏(‏أو تسحر أو أفطر يظن اليوم‏)‏ أي الوقت الذي أكل فيه ‏(‏ليلا و‏)‏ الحال أن ‏(‏الفجر طالع والشمس لم تغرب‏)‏ لف ونشر ويكفي الشك في الأول دون الثاني عملا بالأصل فيهما ولو لم يتبين الحال لم يقض في ظاهر الرواية والمسألة تتفرع إلى ستة وثلاثين، محلها المطولات ‏(‏قضى‏)‏ في الصور كلها ‏(‏فقط‏)‏ كما لو شهدا على الغروب وآخران على عدمه فأفطر فظهر عدمه، ولو كان ذلك في طلوع الفجر قضى وكفر؛ لأن شهادة النفي لا تعارض شهادة الإثبات‏.‏ واعلم أن كل ما انتفى فيه الكفارة محله ما إذا لم يقع منه ذلك مرة بعد أخرى لأجل قصد المعصية فإن فعله وجبت زجرا له بذلك أفتى أئمة الأمصار وعليه الفتوى قنية وهذا حسن نهر ‏(‏والأخيران يمسكان بقية يومهما وجوبا على الأصح‏)‏ لأن الفطر قبيح وترك القبيح شرعا واجب ‏(‏كمسافر أقام وحائض ونفساء طهرتا ومجنون أفاق ومريض صح‏)‏ ومفطر ولو مكرها أو خطأ ‏(‏وصبي بلغ وكافر أسلم وكلهم يقضون‏)‏ ما فاتهم ‏(‏إلا الأخيرين‏)‏ وإن أفطرا لعدم أهليتها في الجزء الأول من اليوم وهو السبب في الصوم لكن لو نويا قبل الزوال كان نفلا فيقضي بالإفساد كما في الشرنبلالية عن الخانية‏.‏

ولو نوى المسافر والمجنون والمريض قبل الزوال - صح عن الفرض، ولو نوى الحائض والنفساء لم يصح أصلا للمنافي أول الوقت وهو لا يتجزأ ويؤمر الصبي بالصوم إذا أطاقه ويضرب عليه ابن عشر كالصلاة في الأصح‏.‏

‏(‏وإن جامع‏)‏ المكلف آدميا مشتهى ‏(‏في رمضان أداء‏)‏ لما مر ‏(‏أو جامع‏)‏ أو توارت الحشفة ‏(‏في أحد السبيلين‏)‏ أنزل أو لا ‏(‏أو أكل أو شرب غذاء‏)‏ بكسر الغين وبالذال المعجمتين والمد ما يتغذى به ‏(‏أو دواء‏)‏ ما يتداوى به والضابط وصول ما فيه صلاح بدنه لجوفه ومنه ريق حبيبه فيكفر لوجود معنى صلاح البدن فيه دراية وغيرها وما نقله الشرنبلالي عن الحدادي رده في النهر ‏(‏عمدا‏)‏ - راجع للكل

‏(‏أو احتجم‏)‏ أي فعل ما لا يظن الفطر به كفصد وكحل ولمس وجماع بهيمة بلا إنزال أو إدخال أصبع في دبر ونحو ذلك ‏(‏فظن فطره به فأكل عمدا قضى‏)‏ في الصور كلها ‏(‏وكفر‏)‏ لأنه ظن في غير محله حتى لو أفتاه مفت يعتمد على قوله أو سمع حديثا ولم يعلم تأويله لم يكفر للشبهة وإن أخطأ المفتي ولم يثبت الأثر إلا في الأدهان - وكذا الغيبة عند العامة زيلعي لكن جعلها في الملتقى كالحجامة ورجحه في البحر للشبهة ‏(‏ككفارة المظاهر‏)‏ الثابتة بالكتاب، وأما هذه فبالسنة ومن ثم شبهوها بها ثم إنما يكفر - إن نوى ليلا، ولم يكن مكرها ولم يطرأ مسقط كمرض وحيض، واختلف فيما لو مرض بجرح نفسه أو سوفر به مكروها والمعتمد لزومها وفي المعتاد حمى وحيضا والمتيقن قتال عدو لو أفطر، ولم يحصل العذر والمعتمد سقوطها ولو تكرر فطره ولم يكفر للأول يكفيه واحدة ولو في رمضانين عند محمد وعليه الاعتماد بزازية ومجتبى وغيرهما واختار بعضهم للفتوى أن الفطر بغير الجماع تداخل وإلا لا ولو أكل عمدا شهرة بلا عذر يقتل، وتمامه في شرح الوهبانية‏.‏

‏(‏وإن ذرعه القيء وخرج‏)‏ ولم يعد ‏(‏لا يفطر مطلقا‏)‏ ملأ أو لا ‏(‏فإن عاد‏)‏ بلا صنعه ‏(‏و‏)‏ لو ‏(‏هو ملء الفم مع تذكره للصوم لا يفسد‏)‏ خلافا للثاني ‏(‏وإن أعاده‏)‏ أو قدر حمصة منه فأكثر حدادي ‏(‏أفطر إجماعا‏)‏ ولا كفارة ‏(‏إن ملأ الفم وإلا لا‏)‏ هو المختار ‏(‏وإن استقاء‏)‏ أي طلب القيء ‏(‏عامدا‏)‏ أي متذكرا لصوم ‏(‏إن كان ملء الفم فسد بالإجماع‏)‏ مطلقا ‏(‏وإن أقل لا‏)‏ عند الثاني وهو الصحيح، لكن ظاهر الرواية كقول محمد إنه يفسد كما في الفتح عن الكافي ‏(‏فإن عاد بنفسه لم يفطر وإن أعاده ففيه روايتان‏)‏ أصحهما لا يفسد محيط ‏(‏وهذا‏)‏ كله ‏(‏في قيء طعام أو ماء أو مرة‏)‏ أو دم ‏(‏فإن كان بلغما فغير مفسد‏)‏ مطلقا خلافا للثاني واستحسنه الكمال وغيره‏.‏

‏(‏ولو أكل لحما بين أسنانه‏)‏ إن ‏(‏مثل حمصة‏)‏ فأكثر ‏(‏قضى فقط وفي أقل منها لا‏)‏ يفطر ‏(‏إلا إذا أخرجه‏)‏ من فمه ‏(‏فأكله‏)‏ ولا كفارة لأن النفس تعافه ‏(‏وأكل مثل سمسمة‏)‏ من خارج ‏(‏يفطر‏)‏ ويكفر في الأصح ‏(‏إلا إذا مضغ بحيث تلاشت في فمه‏)‏ إلا أن يجد الطعم في حلقه كما مر واستحسنه الكمال قائلا وهو الأصل في كل قليل مضغه

‏(‏وكره‏)‏ له ‏(‏ذوق شيء و‏)‏ كذا ‏(‏مضغه بلا عذر‏)‏ قيد فيهما قاله العيني ككون زوجها أو سيدها سيئ الخلق فذاقت‏.‏ وفي كراهة الذوق عند الشراء قولان، ووفق في النهر بأنه إن وجد بدا، ولم يخف غبنا كره وإلا لا وهذا في الفرض لا النفل كذا قالوا وفيه كلام لحرمة الفطر فيه بلا عذر على المذهب فتبقى الكراهة‏.‏

‏(‏و‏)‏ كره ‏(‏مضغ علك‏)‏ أبيض ممضوغ ملتئم، وإلا فيفطر، وكره للمفطرين إلا في الخلوة بعذر وقيل يباح ويستحب للنساء لأنه سواكهن فتح‏.‏

‏(‏و‏)‏ كره ‏(‏قبلة‏)‏ ومس ومعانقة ومباشرة فاحشة ‏(‏إن لم يأمن‏)‏ المفسد وإن أمن لا بأس‏.‏

‏(‏لا‏)‏ يكره ‏(‏دهن شارب و‏)‏ لا ‏(‏كحل‏)‏ إذا لم يقصد الزينة أو تطويل اللحية إذا كانت بقدر المسنون وهو القبضة وصرح في النهاية بوجوب قطع ما زاد على القبضة بالضم، ومقتضاه الإثم بتركه لا أن يحمل الوجوب على الثبوت، وأما الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغاربة، ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد، وأخذ كلها فعل يهود الهند ومجوس الأعاجم فتح‏.‏

وحديث التوسعة على العيال يوم عاشوراء صحيح وحديث الاكتحال فيه ضعيفة لا موضوعة كما زعمه ابن عبد العزيز‏.‏

‏(‏و‏)‏ لا ‏(‏سواك ولو عشيا‏)‏ أو رطبا بالماء على المذهب، وكرهه الشافعي بعد الزوال وكذا لا تكره حجامة وتلفف بثوب مبتل ومضمضة أو استنشاق أو اغتسال للتبرد عند الثاني وبه يفتى شرنبلالية عن البرهان‏.‏‏.‏

ويستحب السحور وتأخيره وتعجيل الفطر لحديث‏:‏ «ثلاث من أخلاق المرسلين‏:‏ تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، والسواك»‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

لا يجوز أن يعمل عملا يصل به إلى الضعف فيخبز نصف النهار ويستريح الباقي، فإن قال لا يكفيني كذب بأقصر أيام الشتاء، فإن أجهد الحر نفسه بالعمل حتى مرض فأفطر ففي كفارته قولان قنية وفي البزازية‏:‏ لو صام عجز عن القيام صام وصلى قاعدا جمعا بين العبادتين‏.‏

فصل في العوارض المبيحة لعدم الصوم

وقد ذكر المصنف منها خمسة وبقي الإكراه وخوف هلاك أو نقصان عقل ولو بعطش أو جوع شديد ولسعة حية ‏(‏لمسافر‏)‏ سفرا شرعيا ولو بمعصية ‏(‏أو حامل أو مرضع‏)‏ أما كانت أو ظئرا على ظاهر ‏(‏خافت بغلبة الظن على نفسها أو ولدها‏)‏ وقيده البهنسي تبعا لابن الكمال بما إذا تعينت للإرضاع ‏(‏أو مريض خاف الزيادة‏)‏ لمرضه وصحيح خاف المرض، وخادمة خافت الضعف بغلبة الظن بأمارة أو تجربة أو بأخبار طبيب حاذق مسلم مستور وأفاد في النهر تبعا للبحر جواز التطبيب بالكافر فيما ليس فيه إبطال عبادة‏.‏ قلت‏:‏ وفيه كلام لأن عندهم نصح المسلم كفر فأنى يتطبب بهم، وفي البحر عن الظهيرية للأمة أن تمتنع من امتثال أمر المولى إذا كان يعجزها عن إقامة الفرائض لأنها مبقاة على أصل الحرية في الفرائض ‏(‏الفطر‏)‏ يوم العذر إلا السفر كما سيجيء ‏(‏وقضوا‏)‏ لزوما ‏(‏ما قدروا بلا فدية و‏)‏ بلا ‏(‏ولاء‏)‏ لأنه على التراخي ولذا جاز التطوع قبله بخلاف قضاء الصلاة‏.‏

‏(‏و‏)‏ لو جاء رمضان الثاني ‏(‏قدم الأداء على القضاء‏)‏ ولا فدية لما مر خلافا للشافعي

‏(‏ويندب لمسافر الصوم‏)‏ لآية -‏:‏ ‏{‏وأن تصوموا‏}‏ - والخير بمعنى البر لا أفعل تفضيل ‏(‏إن لم يضره‏)‏ فإن شق عليه أو على رفيقه فالفطر أفضل لموافقته الجماعة‏.‏

‏(‏فإن ماتوا فيه‏)‏ أي في ذلك العذر ‏(‏فلا تجب‏)‏ عليهم ‏(‏الوصية بالفدية‏)‏ لعدم إدراكهم عدة من أيام أخر ‏(‏ولو ماتوا بعد زوال العذر وجبت‏)‏ الوصية بقدر إدراكهم عدة من أيام أخر، وأما من أفطر عمدا فوجوبها عليه بالأولى ‏(‏وفدى‏)‏ لزوما ‏(‏عنه‏)‏ أي عن الميت ‏(‏وليه‏)‏ الذي يتصرف في ماله ‏(‏كالفطرة‏)‏ قدرا ‏(‏بعد قدرته عليه‏)‏ أي على قضاء الصوم ‏(‏وفوته‏)‏ أي فوت القضاء بالموت فلو فاته عشرة أيام فقدر على خمسة فداها فقط ‏(‏بوصيته من الثلث‏)‏ متعلق بفدى وهذا لو له وارث وإلا فمن الكل قهستاني ‏(‏وإن‏)‏ لم يوص و ‏(‏تبرع وليه به جاز‏)‏ إن شاء الله ويكون الثواب للولي اختيار ‏(‏وإن صام أو صلى عنه‏)‏ الولي ‏(‏لا‏)‏ لحديث النسائي‏:‏ «لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد ولكن يطعم عنه وليه» ‏(‏وكذا‏)‏ يجوز ‏(‏لو تبرع عنه‏)‏ وليه ‏(‏بكفارة يمين أو قتل‏)‏ بإطعام أو كسوة ‏(‏بغير إعتاق‏)‏‏.‏ لما فيه من إلزام الولاء للميت بلا رضاه

‏(‏وفدية كل صلاة ولو وترا‏)‏ كما مر في قضاء الفوائت ‏(‏كصوم يوم‏)‏ على المذهب وكذا الفطرة والاعتكاف الواجب يطعم عنه لكل يوم كالفطرة والولوالجية‏.‏ والحاصل أن ما كان عبادة بدنية فإن الوصي يطعم عنه بعد موته عن كل واجب كالفطرة والمالية كالزكاة، يخرج عنه القدر الواجب والمركب كالحج يحج عنه رجلا من مال الميت بحر‏.‏

‏(‏وللشيخ الفاني العاجز عن الصوم الفطر ويفدي‏)‏ وجوبا ولو في أول الشهر وبلا تعدد فقير كالفطرة لو موسرا وإلا فيستغفر الله هذا إذا كان الصوم أصلا بنفسه وخوطب بأدائه، حتى لو لزمه الصوم لكفارة يمين أو قتل ثم عجز لم تجز الفدية لأن الصوم هنا بدل عن غيره، ولو كان مسافرا فمات قبل الإقامة لم يجب الإيصاء، ومتى قدر قضى لأن استمرار العجز شرط الخلفية وهل تكفي الإباحة في الفدية‏؟‏ قولان المشهور نعم، واعتمده الكمال

‏(‏ولزم نفل شرع فيه قصدا‏)‏ كما في الصلاة، فلو شرع ظنا فأفطر أي فورا فلا قضاء أما لو مضى ساعة لزمه القضاء لأنه بمضيها صار كأنه نوى المضي عليه في هذه الساعة تجنيس ومجتبى ‏(‏أداء وقضاء‏)‏ أي يجب إتمامه فإن فسد ولو بعروض حيض في الأصح وجب القضاء ‏(‏إلا في العيدين وأيام التشريق‏)‏ فلا يلزم لصيرورته صائما بنفس الشروع فيصير مرتكبا للنهي‏.‏ أما بالصلاة فلا يكون مصليا ما لم يسجد بدليل مسألة اليمين ‏(‏ولا يفطر‏)‏ الشارع في نفل ‏(‏بلا عذر في رواية‏)‏ وهي الصحيحة وفي أخرى يحل بشرط أن يكون من نيته القضاء واختارها الكمال وتاج الشريعة وصدرها في الوقاية وشرحها

‏(‏والضيافة عذر‏)‏ للضيف والمضيف ‏(‏إن كان صاحبها ممن لا يرضى بمجرد حضوره ويتأذى بترك الإفطار‏)‏ فيفطر ‏(‏وإلا لا‏)‏ هو الصحيح من المذهب ظهيرية‏.‏

‏(‏ولو حلف‏)‏ رجل على الصائم ‏(‏بطلاق امرأته إن لم يفطر أفطر ولو‏)‏ كان صائما ‏(‏قضاء‏)‏ ولا يحنثه ‏(‏على المعتمد‏)‏ بزازية‏.‏ وفي النهر عن الذخيرة وغيرها هذا إذا كان قبل الزوال أما بعده فلا إلا لأحد أبويه إلى العصر لا بعده‏.‏ وفي الأشباه‏:‏ دعاه أحد إخوانه لا يكره فطره لو صائما غير قضاء رمضان ولا تصوم المرأة نفلا إلا بإذن الزوج إلا عند عدم الضرر به ولو فطرها وجب القضاء بإذنه أو بعد البينونة ولو صام العبد وما في حكمه بلا إذن المولى لم يجز، وإن فطره قضى بإذنه أو بعد العتق

‏(‏ولو نوى مسافر الفطر‏)‏ أو لم ينو ‏(‏فأقام ونوى الصوم في وقتها‏)‏ قبل الزوال ‏(‏صح‏)‏ مطلقا ‏(‏ويجب عليه‏)‏ الصوم ‏(‏لو‏)‏ كان ‏(‏في رمضان‏)‏ لزوال المرخص ‏(‏كما يجب على مقيم إتمام‏)‏ صوم ‏(‏يوم منه‏)‏ أي رمضان ‏(‏سافر فيه‏)‏ أي في ذلك اليوم ‏(‏و‏)‏ لكن ‏(‏لا كفارة عليه لو أفطر فيهما‏)‏ للشبهة في أوله وآخره إلا إذا دخل مصره لشيء نسيه فأفطر فإنه يكفر، ولو نوى الصائم الفطر لم يكن مفطرا كما مر ‏(‏كما لو نوى التكلم في صلاته ولم يتكلم‏)‏ شرح الوهبانية قال وفيه خلاف الشافعي ‏(‏وقضى أيام إغمائه ولو‏)‏ كان الإغماء ‏(‏مستغرقا للشهر‏)‏ لندرة امتداده ‏(‏سوى يوم حدث الإغماء فيه أو في ليلته‏)‏ فلا يقضيه إلا إذا علم أنه لم ينوه ‏(‏وفي الجنون إن لم يستوعب‏)‏ الشهر ‏(‏قضى‏)‏ ما مضى ‏(‏وإن استوعب‏)‏ لجميع ما يمكنه إنشاء الصوم فيه على ما مر ‏(‏لا‏)‏ يقضي مطلقا للحرج

‏(‏ولو نذر صوم الأيام المنهية أو‏)‏ صوم هذه ‏(‏السنة صح‏)‏ مطلقا على المختار، وفرقوا بين النذر والشروع فيها بأن نفس الشروع معصية، ونفس النذر طاعة فصح ‏(‏و‏)‏ لكنه ‏(‏أفطر‏)‏ الأيام المنهية ‏(‏وجوبا‏)‏ تحاميا عن المعصية ‏(‏وقضاها‏)‏ إسقاطا للواجب ‏(‏وإن صامها خرج عن العهدة‏)‏ مع الحرمة، وهذا إذا نذر قبل الأيام المنهية فلو بعدها لم ينقض شيئا‏.‏ وإنما يلزمه باقي السنة على ما هو الصواب وكذا الحكم لو نكر السنة أو شرط التتابع فيفطرها لكنه يقضيها هنا متتابعة، ويعيد لو أفطر يوما بخلاف المعينة، ولو لم يشترط التتابع يقضي خمسة وثلاثين ولا يجزيه صوم الخمسة في هذه الصورة‏.‏

واعلم أن صيغة النذر تحتمل اليمين فلذا كانت ست صور ذكرها بقوله ‏(‏فإن لم ينو‏)‏ بنذره الصوم ‏(‏شيئا أو نوى النذر فقط‏)‏ دون اليمين ‏(‏أو نوى‏)‏ ‏(‏النذر ونوى أن لا يكون يمينا كان‏)‏ في هذه الثلاث صور ‏(‏نذرا فقط‏)‏ إجماعا عملا بالصيغة ‏(‏وإن نوى اليمين وأن لا يكون نذرا كان‏)‏ في هذه الصورة ‏(‏يمينا‏)‏ فقط إجماعا عملا بتعيينه ‏(‏وعليه كفارة‏)‏ يمين ‏(‏إن أفطر‏)‏ لحنثه ‏(‏وإن نواهما أو‏)‏ نوى ‏(‏اليمين‏)‏ بلا نفي النذر ‏(‏كان‏)‏ في الصورتين ‏(‏نذرا ويمينا، حتى لو أفطر يجب القضاء للنذر والكفارة لليمين‏)‏ عملا بعموم المجاز خلافا للثاني

‏(‏وندب تفريق صوم الست من شوال‏)‏ ولا يكره التتابع على المختار خلافا للثاني حاوي‏.‏ والإتباع المكروه أن يصوم الفطر وخمسة بعده فلو أفطر الفطر لم يكره بل يستحب ويسن ابن كمال

‏(‏ولو نذر صوم شهر غير معين متتابعا فأفطر يوما‏)‏ ولو من الأيام المنهية ‏(‏استقبل‏)‏ لأنه أخل بالوصف مع خلو شهر عن أيام نهي نهر بخلاف السنة ‏(‏لا‏)‏ يستقبل ‏(‏في نذر‏)‏ شهر ‏(‏معين‏)‏ لئلا يقع كله في غير الوقت

‏(‏والنذر‏)‏ من اعتكاف أو حج أو صلاة أو صيام أو غيرها ‏(‏غير المعلق‏)‏ ولو معينا ‏(‏لا يختص بزمان ومكان ودرهم وفقير‏)‏ فلو نذر التصدق يوم الجمعة بمكة بهذا الدرهم على فلان فخالف جاز، وكذا لو عجل قبله فلو عين شهرا للاعتكاف أو صوم فعجل قبله عنه صح وكذا لو نذر أن يحج سنة كذا فحج سنة قبلها صح أو صلاة يوم كذا فصلاها قبله لأنه تعجيل بعد وجوب السبب وهو النذر فيلغو التعيين شرنبلالية فليحفظ ‏(‏بخلاف‏)‏ النذر ‏(‏المعلق‏)‏ فإنه لا يجوز تعجيله قبل وجود الشرط كما سيجيء في الأيمان‏.‏

‏(‏ولو قال مريض‏:‏ لله علي أن أصوم شهرا فمات قبل أن يصح لا شيء عليه، وإن صح‏)‏ ولو ‏(‏يوما‏)‏ ولم يصمه ‏(‏لزمه الوصية بجميعه‏)‏ على الصحيح كالصحيح إذا نذر ذلك ومات قبل تمام الشهر لزمه الوصية بالجميع بالإجماع كما في الخبازية، بخلاف القضاء فإن سببه إدراك العدة‏.‏

‏[‏فروع‏]‏

قال‏:‏ والله أصوم لا صوم عليه بل إن صام حنث كما سيجيء في الأيمان‏.‏ نذر صوم رجب فدخل وهو مريض أفطر وقضى كرمضان أو صوم الأبد فضعف لاشتغاله بالمعيشة أفطر وكفر كما مر أو يوم يقدم فلان فقدم بعد الأكل أو الزوال أو حيضها قضى عند الثاني خلافا للثالث، ولو قدم في رمضان فلا قضاء اتفاقا ولو عنى به اليمين كفر فقط إلا إذا قدم قبل نيته فنواه عنه بر بالنية، ووقع عن رمضان ولو نذر شهرا لزمه كاملا أو الشهر فبقيته أو صوم جمعة فالأسبوع إلا أن ينوي اليوم، ولو نذر يوم السبت صوم ثمانية أيام صام سبتين ولو قال سبعة فسبعة أسبت، والفرق أن السبت لا يتكرر في السبعة فحمل على العدد، بخلاف الأول‏.‏

واعلم أن النذر الذي يقع للأموات من أكثر العوام وما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت ونحوها إلى ضرائح الأولياء الكرام تقربا إليهم فهو بالإجماع باطل وحرام ما لم يقصدوا صرفها لفقراء الأنام وقد ابتلي الناس بذلك، ولا سيما في هذه الأعصار وقد بسطه العلامة قاسم في شرح درر البحار، ولقد قال الإمام محمد‏:‏ لو كانت العوام عبيدي لأعتقتهم وأسقطت ولائي وذلك لأنهم لا يهتدون فالكل بهم يتغيرون‏.‏

باب الاعتكاف

وجه المناسبة له والتأخير اشتراط الصوم في بعضه والطلب الآكد في العشر الأخير‏.‏ ‏(‏هو‏)‏ لغة‏:‏ اللبث وشرعا‏:‏ ‏(‏لبث‏)‏ بفتح اللام وتضم المكث ‏(‏ذكر‏)‏ ولو مميزا في ‏(‏مسجد جماعة‏)‏ هو ما له إمام ومؤذن أديت فيه الخمس أو لا‏.‏ وعن الإمام اشتراط أداء الخمس فيه وصححه بعضهم وقال لا يصح في كل مسجد وصححه السروجي، وأما الجامع فيصح فيه مطلقا اتفاقا ‏(‏أو‏)‏ لبث ‏(‏امرأة في مسجد بيتها‏)‏ ويكره في المسجد، ولا يصح في غير موضع صلاتها من بيتها كما إذا لم يكن فيه مسجد ولا تخرج من بيتها إذا اعتكفت فيه، وهل يصح من الخنثى في بيته لم أره والظاهر لا لاحتمال ذكوريته ‏(‏بنية‏)‏ فاللبث‏:‏ هو الركن والكون في المسجد والنية من مسلم عاقل طاهر من جنابة وحيض ونفاس شرطان‏.‏ ‏(‏وهو‏)‏ ثلاثة أقسام ‏(‏واجب النذر‏)‏ بلسانه وبالشروع وبالتعليق ذكره ابن الكمال ‏(‏وسنة مؤكدة في العشر الأخير من رمضان‏)‏ أي سنة كفاية كما في البرهان وغيره لاقترانها بعدم الإنكار على من لم يفعله من الصحابة ‏(‏مستحب في غيره من الأزمنة‏)‏ هو بمعنى غير المؤكدة‏.‏

‏(‏وشرط الصوم‏)‏ لصحة ‏(‏الأول‏)‏ اتفاقا ‏(‏فقط‏)‏ على المذهب ‏(‏فلو نذر اعتكاف ليلة لم يصح‏)‏ وإن نوى معها اليوم لعدم محليتها للصوم أما لو نوى بها اليوم صح والفرق لا يخفى ‏(‏بخلاف ما لو قال‏)‏ في نذره ليلا ونهارا ‏(‏فإنه يصح و‏)‏ إن لم يكن الليل محلا للصوم لأنه ‏(‏يدخل الليل تبعا و‏)‏‏.‏ اعلم أن ‏(‏الشرط‏)‏ في الصوم مراعاة ‏(‏وجوده لا إيجاده‏)‏ للمشروط قصدا ‏(‏فلو نذر اعتكاف شهر رمضان لزمه وأجزأه‏)‏ صوم رمضان ‏(‏عن صوم الاعتكاف‏)‏ لكن قالوا لو صام تطوعا ثم نذر اعتكاف ذلك اليوم لم يصح لانعقاده من أوله تطوعا فتعذر جعله واجبا ‏(‏وإن لم يعتكف‏)‏ رمضان المعين ‏(‏قضى شهرا‏)‏ غيره ‏(‏بصوم مقصود‏)‏ لعود شرطه إلى الكمال الأصلي فلم يجز في رمضان آخر ولا في واجب سوى قضاء رمضان الأول لأنه خلف عنه وتحقيقه في الأصول في بحث الأمر‏.‏

‏(‏وأقله نفلا ساعة‏)‏ من ليل أو نهار عند محمد وهو ظاهر الرواية عن الإمام لبناء النفل على المسامحة وبه يفتى والساعة في عرف الفقهاء جزء من الزمان لا جزء من أربعة وعشرين كما يقوله المنجمون كذا في غرر الأذكار وغيره‏.‏

‏(‏فلو شرع في نفله ثم قطعه لا يلزمه قضاؤه‏)‏ لأنه لا يشترط له الصوم ‏(‏على الظاهر‏)‏ من المذهب وما في بعض المعتبرات أنه يلزم بالشروع مفرع على الضعيف قاله المصنف وغيره

‏(‏وحرم عليه‏)‏ أي على المعتكف اعتكافا واجبا أما النفل فله الخروج لأنه منه لا مبطل كما مر ‏(‏الخروج إلا لحاجة الإنسان‏)‏ طبيعية كبول وغائط وغسل لو احتلم ولا يمكنه الاغتسال في المسجد كذا في النهر ‏(‏أو‏)‏ شرعية كعيد وأذان لو مؤذنا وباب المنارة خارج المسجد و ‏(‏الجمعة وقت الزوال ومن بعد منزله‏)‏ أي معتكفه ‏(‏خرج في وقت يدركها‏)‏ مع سنتها يحكم في ذلك رأيه، ويستن بعدها أربعا أو ستا على الخلاف، ولو مكث أكثر لم يفسد لأنه محل له وكره تنزيها لمخالفة ما التزمه بلا ضرورة‏.‏

‏(‏فلو خرج‏)‏ ولو ناسيا ‏(‏ساعة‏)‏ زمانية لا رملية كما مر ‏(‏بلا عذر فسد‏)‏ فيقضيه إلا إذا أفسده بالردة واعتبرا أكثر النهار قالوا‏:‏ وهو الاستحسان وبحث فيه الكمال ‏(‏و‏)‏ إن خرج ‏(‏بعذر يغلب وقوعه‏)‏ وهو ما مر لا غير ‏(‏لا‏)‏ لا يفسد وأما ما لا يغلب كإنجاء غريق وانهدام مسجد فمسقط للإثم لا للبطلان وإلا لكان النسيان أولى بعدم الفساد كما حققه الكمال خلافا لما فصله الزيلعي وغيره‏.‏ لكن في النهر وغيره جعل عدم الفساد لانهدامه وبطلان جماعته وإخراجه كرها واستحسانا وفي التتارخانية عن الحجة لو شرط وقت النذر أن يخرج لعيادة مريض وصلاة جنازة وحضور مجلس علم جاز ذلك فليحفظ‏.‏

‏(‏وخص‏)‏ المعتكف ‏(‏بأكل وشرب ونوم وعقد احتاج إليه‏)‏ لنفسه أو عياله فلو لتجارة كره ‏(‏كبيع ونكاح ورجعة‏)‏ فلو خرج لأجلها فسد لعدم الضرورة

‏(‏وكره‏)‏ أي تحريما لأنها محل إطلاقهم بحر ‏(‏إحضار مبيع فيه‏)‏ كما كره فيه مبايعة غير المعتكف مطلقا للنهي وكذا أكله ونومه إلا لغريب أشباه وقد قدمناه قبيل الوتر، لكن قال ابن كمال لا يكره الأكل والشرب والنوم فيه مطلقا ونحوه في المجتبى‏.‏

‏(‏و‏)‏ يكره تحريما ‏(‏صمت‏)‏ إن اعتقده قربة وإلا لا لحديث ‏"‏ من صمت نجا ‏"‏ ويجب أي الصمت كما في غرر الأذكار عن شر لحديث‏:‏ «رحم الله امرأ تكلم فغنم أو سكت فسلم» ‏(‏وتكلم إلا بخير‏)‏ وهو ما لا إثم فيه ومنه المباح عند الحاجة إليه لا عند عدمها وهو محمل ما في الفتح أنه مكروه في المسجد، يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب كما حققه في النهر ‏(‏كقراءة قرآن وحديث وعلم‏)‏ وتدريس في سير الرسول عليه الصلاة والسلام وقصص الأنبياء عليهم السلام وحكايات الصالحين وكتابة أمور الدين‏.‏

‏(‏وبطل بوطء في فرج‏)‏ أنزل أم لا ‏(‏ولو‏)‏ كان وطؤه خارج المسجد ‏(‏ليلا‏)‏ أو نهارا عامدا ‏(‏أو ناسيا‏)‏ في الأصح لأن حالته مذكرة ‏(‏و‏)‏ بطل ‏(‏بإنزال بقبلة أو لمس‏)‏ أو تفخيذ ولو لم ينزل لم يبطل وإن حرم الكل لعدم الحرج ولا يبطل بإنزال بفكر أو نظر، ولا بسكر ليلا ولا بأكل ناسيا لبقاء الصوم بخلاف أكله عمدا وردته وكذا إغماؤه وجنونه إن داما أياما فإن دام جنونه سنة قضاه استحسانا

‏(‏ولزمه الليالي بنذره‏)‏ بلسانه ‏(‏اعتكاف أيام ولاء‏)‏ أي متتابعة وإن لم يشترط التتابع ‏(‏كعكسه‏)‏ لأن ذكر أحد العددين بلفظ الجمع وكذا التثنية يتناول الآخر

‏(‏فلو نوى في‏)‏ نذر ‏(‏الأيام النهار خاصة صحت نيته‏)‏ لنيته الحقيقة ‏(‏وإن نوى بها‏)‏ أي بالأيام ‏(‏الليالي لا‏)‏ بل يلزمه كلاهما ‏(‏كما لو نذر اعتكاف شهر ونوى النهار خاصة أو‏)‏ نوى ‏(‏عكسه‏)‏ أي الليالي خاصة فإنه لا تصح نيته لأن الشهر اسم لمقدر يشمل الأيام والليالي فلا يحتمل ما دونه إلا أن يستثني الليالي فيختص بالنهار، ولو استثنى الأيام صح ولا شيء عليه لما مر‏.‏ واعلم أن الليالي تابعة للأيام إلا ليلة عرفة وليالي النحر فتبع للنهر الماضية رفقا بالناس، كما في ضحية الولوالجية‏.‏

هذا، وليلة القدر دائرة في رمضان اتفاقا إلا أنها تتقدم وتتأخر خلافا لهما، وثمرته فيمن قال بعد ليلة منه أنت حر أو أنت طالق ليلة القدر فعنده لا يقع حتى ينسلخ شهر رمضان الآتي لجواز كونها في الأول وفي الأولى وفي الآتي في الأخيرة وقالا يقع إذا مضى مثل تلك الليلة في الآتي، ولا خلاف أنه لو قال‏:‏ قبل دخول رمضان وقع بمضيه قال في المحيط والفتوى على قول الإمام لكن قيده بكون الحالف فقيها يعرف الاختلاف وإلا فهي ليلة السابع والعشرين، والله أعلم‏.‏

كتاب الحج

‏(‏هو‏)‏ بفتح الحاء وكسرها لغة‏:‏ القصد إلى معظم لا مطلق القصد كما ظنه بعضهم‏.‏ وشرعا ‏(‏زيارة‏)‏ أي طواف ووقوف ‏(‏مكان مخصوص‏)‏ أي الكعبة وعرفة ‏(‏في زمن مخصوص‏)‏ في الطواف من فجر النحر إلى آخر العمر وفي الوقوف من زوال شمس عرفة لفجر النحر ‏(‏بفعل مخصوص‏)‏ بأن يكون محرما بنية الحج سابقا كما سيجيء لم يقل لأداء ركن من أركان الدين ليعم حج النفل‏.‏

‏(‏فرض‏)‏ سنة تسع وإنما أخره عليه الصلاة والسلام لعشر لعذر مع علمه ببقاء حياته ليكمل التبليغ ‏(‏مرة‏)‏ لأن سببه البيت وهو واحد والزيارة تطوع وقد تجب كما إذا جاوز الميقات بلا إحرام فإنه كما سيجيء يجب عليه أحد النسكين فإن اختار الحج اتصف بالوجوب وقد يتصف بالحرمة كالحج بمال حرام، وبالكراهة كالحج بلا إذن ممن يجب استئذانه وفي النوازل‏:‏ لو كان الابن صبيا فللأب منعه حتى يلتحي ‏(‏على الفور‏)‏ في العام الأول عند الثاني وأصح الروايتين عن الإمام ومالك وأحمد فيفسق وترد شهادته بتأخيره أي سنينا لأن تأخيره صغيرة وبارتكابه مرة لا يفسق إلا بالإصرار بحر ووجهه أن الفورية ظنية لأن دليل الاحتياط ظني، ولذا أجمعوا أنه لو تراخى كان أداء وإن أثم بموته قبله وقالوا لو لم يحج حتى أتلف ماله وسعه أن يستقرض ويحج ولو غير قادر على وفائه ويرجى أن لا يؤاخذه الله بذلك، أي لو ناويا وفاء إذا قدر كما قيده في الظهيرية‏.‏

‏(‏على مسلم‏)‏ لأن الكافر غير مخاطب بفروع الإيمان في حق الأداء وقد حققناه فيما علقناه على المنار ‏(‏حر مكلف‏)‏ عالم بفرضيته إما بالكون بدارنا وإما بإخبار عدل أو مستورين ‏(‏صحيح‏)‏ البدن ‏(‏بصير‏)‏ غير محبوس وخائف من سلطان يمنع منه ‏(‏ذي زاد‏)‏ يصح به بدنه فالمعتاد اللحم ونحوه إذا قدر على خبز وجبن لا يعد قادرا ‏(‏وراحلة‏)‏ مختصة به وهو المسمى بالمقتب إن قدر وإلا فتشترط القدرة على المحارة للآفاقي لا لمكي يستطيع المشي لشبهه بالسعي للجمعة، وأفاد أنه لو قدر على غير الراحلة من بغل أو حمار لم يجب قال في البحر‏:‏ ولم أره صريحا وإنما صرحوا بالكراهة وفي السراجية الحج راكبا أفضل منه ماشيا به يفتى والمقتب أفضل من المحارة وفي إجارة الخلاصة حمل الجمل مائتان وأربعون منا والحمار مائة وخمسون فظاهره أن البغل كالحمار،

ولو وهب الأب لابنه مالا يحج به لم يجب قبوله لأن شرائط الوجوب لا يجب تحصيلها وهذا منها باتفاق الفقهاء خلافا للأصوليين ‏(‏فضلا عما لا بد منه‏)‏ كما مر في الزكاة ومنه المسكن ومرمته ولو كبيرا يمكنه الاستغناء ببعضه، والحج بالفاضل فإنه لا يلزمه بيع الزائد‏.‏ نعم هو الأفضل وعلم به عدم لزوم بيع الكل والاكتفاء بسكنى الإجارة بالأولى وكذا لو كان عنده ما لو اشترى به مسكنا وخادما لا يبقى بعده ما يكفي للحج لا يلزمه خلاصة وحرر في النهر أنه يشترط بقاء رأس مال لحرفته إن احتاجت لذلك وإلا لا وفي الأشباه معه ألف وخاف العزوبة إن كان قبل خروج أهل بلده فله التزوج ولو وقته لزمه الحج ‏(‏و‏)‏ فضلا عن ‏(‏نفقة عياله‏)‏ ممن تلزمه نفقته لتقدم حق العبد ‏(‏إلى‏)‏ حين ‏(‏عوده‏)‏ وقيل بعده بيوم وقيل بشهر ‏(‏مع أمن الطريق‏)‏ بغلبة السلامة ولو بالرشوة على ما حققه الكمال وسيجيء آخر الكتاب أن قتل بعض الحجاج عذر وهل ما يؤخذ من المكس والخفارة عذر قولان والمعتمد لا كما في القنية والمجتبى وعليه فيحتسب في الفاضل عما لا بد منه القدرة على المكس ونحوه كما في مناسك الطرابلسي‏.‏

‏(‏و‏)‏ مع ‏(‏زوج أو محرم‏)‏ ولو عبدا أو ذميا أو برضاع ‏(‏بالغ‏)‏ قيد لهما كما في النهر بحثا ‏(‏عاقل والمراهق كبالغ‏)‏ جوهرة ‏(‏غير مجوسي ولا فاسق‏)‏ لعدم حفظهما ‏(‏مع‏)‏ وجوب النفقة لمحرمها ‏(‏عليها‏)‏ لأنه محبوس ‏(‏عليها‏)‏ لامرأة حرة ولو عجوزا في سفر وهل يلزمها التزوج‏؟‏ قولان وليس عبدها بمحرم لها وليس لزوجها منعها عن حجة الإسلام ولو حجت بلا محرم جاز مع الكراهة ‏(‏و‏)‏ مع ‏(‏عدم عدة عليها مطلقا‏)‏ أية عدة كانت ابن مالك ‏(‏والعبرة لوجوبها‏)‏ أي العدة المانعة من سفرها ‏(‏وقت خروج أهل بلدها‏)‏ وكذا سائر الشروط بحر‏.‏

‏(‏فلو أحرم صبي عاقل أو أحرم عنه أبوه صار محرما‏)‏ وينبغي أن يجرده قبله ويلبسه إزارا ورداء مبسوطين وظاهر أن إحرامه عنه مع عقله صحيح فمع عدمه أولى ‏(‏فبلغ أو عبد فعتق‏)‏ قبل الوقوف ‏(‏فمضى‏)‏ كل على إحرامه ‏(‏لم يسقط فرضهما‏)‏ لانعقاده نفلا فلو جدد الصبي الإحرام قبل وقوفه بعرفة ونوى حجة الإسلام أجزأه ‏(‏ولو فعل‏)‏ العبد ‏(‏المعتق ذلك‏)‏ التجديد المذكور ‏(‏لم تجزه‏)‏ لانعقاده لازما بخلاف الصبي والكافر والمجنون‏.‏

‏(‏و‏)‏ الحج ‏(‏فرضه‏)‏ ثلاثة ‏(‏الإحرام‏)‏ وهو شرط ابتداء، وله حكم الركن انتهاء حتى لم يجز لفائت الحج استدامته ليقضي به من قابل ‏(‏والوقوف بعرفة‏)‏ في أوانه سميت به لأن آدم وحواء تعارفا فيها ‏(‏و‏)‏ معظم ‏(‏طواف الزيارة‏)‏ وهما ركنان

‏(‏وواجبه‏)‏ نيف وعشرون ‏(‏وقوف جمع‏)‏ وهو المزدلفة سميت بذلك لأن آدم اجتمع بحواء وازدلف إليها أي دنا‏.‏

‏(‏والسعي‏)‏ وعند الأئمة الثلاثة هو ركن ‏(‏بين الصفا‏)‏ سمي به لأنه جلس عليه آدم صفوة الله ‏(‏والمروة‏)‏ لأنه جلس عليها امرأة وهي حواء ولذا أنثت‏.‏

‏(‏ورمي الجمار‏)‏ لكل من الحج ‏(‏وطواف الصدر‏)‏ أي الوداع ‏(‏للآفاقي‏)‏ غير الحائض

‏(‏والحلق أو التقصير وإنشاء الإحرام من الميقات ومد الوقوف بعرفة إلى الغروب‏)‏ إن وقف نهارا‏.‏

‏(‏والبداءة بالطواف من الحجر الأسود‏)‏ على الأشبه لمواظبته عليه الصلاة والسلام وقيل فرض وقيل سنة ‏(‏والتيامن فيه‏)‏ أي في الطواف في الأصح ‏(‏والمشي فيه لمن ليس له عذر‏)‏ يمنعه منه، ولو نذر طوافا زحفا لزمه ماشيا ولو شرع متنفلا زحفا فمشيه أفضل ‏(‏والطهارة فيه‏)‏ من النجاسة الحكمية على المذهب قيل والحقيقية من ثوب وبدن ومكان طواف والأكثر على أنه سنة مؤكدة كما في شرح لباب المناسك ‏(‏وستر العورة‏)‏ فيه وبكشف ربع العضو فأكثر كما في الصلاة يجب الدم‏.‏

‏(‏وبداءة السعي بين الصفا والمروة من الصفا‏)‏ ولو بدأ بالمروة لا يعتد بالشوط الأول في الأصح ‏(‏والمشي فيه‏)‏ في السعي ‏(‏لمن ليس له عذر‏)‏ كما مر

‏(‏وذبح الشاة للقارن والمتمتع وصلاة ركعتين لكل أسبوع‏)‏ من أي طواف كان فلو تركها هل عليه دم قيل نعم فيوصي به‏.‏

‏(‏والترتيب الآتي‏)‏ بيانه‏:‏ ‏(‏بين الرمي والحلق والذبح يوم النحر‏)‏ وأما الترتيب بين الطواف وبين الرمي والحلق فسنة فلو طاف قبل الرمي والحلق لا شيء عليه ويكره لباب، وسيجيء أن المفرد لا ذبح عليه وسنحققه‏.‏

‏(‏وفعل طواف الإفاضة‏)‏ أي الزيارة ‏(‏في‏)‏ يوم من ‏(‏أيام النحر‏)‏ ومن الواجبات كون الطواف وراء الحطيم وكون السعي بعد طواف معتد به وتوقيت الحلق بالمكان والزمان وترك المحظور كالجماع بعد الوقوف، ولبس المخيط، وتغطية الرأس والوجه والضابط أن كل ما يجب بتركه دم فهو واجب صرح به في الملتقى وسيتضح في الجنايات‏.‏

‏(‏وغيرها سنن وآداب‏)‏ كأن يتوسع في النفقة ويحافظ على الطهارة وعلى صون لسانه ويستأذن أبويه ودائنه وكفيله ويودع المسجد بركعتين ومعارفه ويستحلهم ويلتمس دعاءهم ويتصدق بشيء عند خروجه ويخرج يوم الخميس ففيه خرج عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع أو الاثنين أو الجمعة بعد التوبة والاستخارة أي في أنه هل يشتري أو يكتري وهل يسافر برا أو بحرا وهل يرافق فلانا أو لا لأن الاستخارة في الواجب والمكروه لا محل لها وتمامه في النهر‏.‏

‏(‏وأشهره شوال وذو القعدة‏)‏ بفتح القاف وتكسر ‏(‏وعشر ذي الحجة‏)‏ بكسر الحاء وتفتح وعند الشافعي ليس منها يوم النحر وعند مالك ذو الحجة كله عملا بالآية‏.‏ قلنا اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد، وفائدة التأقيت أنه لو فعل شيئا من أفعال الحج خارجها لا يجزيه ‏(‏و‏)‏ أنه ‏(‏يكره الإحرام‏)‏ له ‏(‏قبلها‏)‏ وإن أمن على نفسه من المحظور لشبهه بالركن كما مر وإطلاقها يفيد التحريم

‏(‏والعمرة‏)‏ في العمر ‏(‏مرة سنة مؤكدة‏)‏ على المذهب وصحح في الجوهرة وجوبها‏.‏ قلنا المأمور به في الآية الإتمام وذلك بعد الشروع وبه نقول ‏(‏وهي إحرام وطواف وسعي‏)‏ وحلق أو تقصير فالإحرام شرط، ومعظم الطواف ركن وغيرهما واجب هو المختار ويفعل فيها كفعل الحاج

‏(‏وجازت في كل السنة‏)‏ وندبت في رمضان ‏(‏وكرهت‏)‏ تحريما ‏(‏يوم عرفة وأربعة بعدها‏)‏ أي كره إنشاؤها بالإحرام حتى يلزمه دم وإن رفضها لا أداؤها فيها بالإحرام السابق كقارن فاته الحج فاعتمر فيها لم يكره سراج، وعليه فاستثناء الخانية القارن منقطع فلا يختص بيوم عرفة كما توهمه في البحر‏.‏

‏(‏والمواقيت‏)‏ أي المواضع التي لا يجاوزها مريد مكة إلا محرما خمسة ‏(‏ذو الحليفة‏)‏ بضم ففتح مكان على ستة أميال من المدينة وعشر مراحل من مكة تسميها العوام أبيار علي رضي الله عنه يزعمون أنه قاتل الجن في بعضها وهو كذب ‏(‏وذات عرق‏)‏ بكسر فسكون على مرحلتين من مكة ‏(‏وجحفة‏)‏ على ثلاث مراحل بقرب رابغ ‏(‏وقرن‏)‏ على مرحلتين فتح الراء خطأ ونسبة أويس إليه خطأ آخر ‏(‏ويلملم‏)‏ جبل على مرحلتين أيضا ‏(‏للمدني والعراقي والشامي‏)‏ الغير المار بالمدينة بقرينة ما يأتي ‏(‏والنجدي واليمني‏)‏ لف ونشر مرتب ويجمعها قوله‏:‏ عرق العراق يلملم اليمن وبذي الحليفة يحرم المدني للشام جحفة إن مررت بها ولأهل نجد قرن فاستبن ‏(‏وكذا هي لمن مر بها من غير أهلها‏)‏ كالشام يمر بميقات أهل المدينة فهو ميقاته قاله النووي الشافعي وغيره وقالوا ولو مر بميقاتين فإحرامه من الأبعد أفضل ولو أخره إلى الثاني لا شيء عليه على المذهب وعبارة اللباب سقط عنه الدم ولو لم يمر بها تحرى وأحرم إذا حاذى أحدها وأبعدها أفضل فإن لم يكن بحيث يحاذي فعلى مرحلتين

‏(‏وحرم تأخير الإحرام عنها‏)‏ كلها ‏(‏لمن‏)‏ أي لآفاقي ‏(‏قصد دخول مكة‏)‏ يعني الحرم ‏(‏ولو لحاجة‏)‏ غير الحج أما لو قصد موضعا من الحل كخليص وجدة حل له مجاوزته بلا إحرام فإذا حل به التحق بأهله فله دخول مكة بلا إحرام وهو الحيلة لمريد ذلك إلا لمأمور بالحج للمخالفة

‏(‏لا‏)‏ يحرم ‏(‏التقديم‏)‏ للإحرام ‏(‏عليها‏)‏ بل هو الأفضل إن في أشهر الحج وأمن على نفسه

‏(‏وحل لأهل داخلها‏)‏ يعني لكل من وجد في داخل المواقيت ‏(‏دخول مكة غير محرم‏)‏ ما لم يرد نسكا للحرج كما لو جاوزها حطابو مكة فهذا ‏(‏ميقاته الحل‏)‏ الذي بين المواقيت والحرم

‏(‏و‏)‏ الميقات ‏(‏لمن بمكة‏)‏ يعني من بداخل الحرم ‏(‏للحج الحرم وللعمرة الحل‏)‏ ليتحقق نوع سفر والتنعيم أفضل ونظم حدود الحرم ابن الملقن فقال‏:‏ وللحرم التحديد من أرض طيبة ثلاث أميال إذا رمت إتقانه وسبعه أميال عراقا وطائف وجدة عشر ثم تسع جعرانه‏.‏